في اليوم الدولي للتأهب للأوبئة.. دعوة عالمية لرفع الوعي وبناء القدرات
اجتاحت الأوبئة خلال العقود القليلة الماضية العالم بسرعة فائقة ومخيفة ومثلت تهديداً حقيقياً على حياة الإنسان، الأمر الذي دفع الأمم المتحدة لتخصيص يوم عالمي للتأهب للأوبئة في محاولة منها إلى التوعية بمخاطر الأوبئة على صحة البشر، وضرورة بناء قدرات وقائية فاعلة.
مثّل تفشي فيروس كورونا “كوفيد 19” في العالم سبباً رئيسياً يدعو المجتمع العالمي إلى اتخاذ خطوات فاعلة تواجه هذا التحدي العالمي لما له من آثار قد تكون بالغة الخطورة اقتصادياً واجتماعياً وصحياً، ووجهت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدعوة إلى جميع اعضائها لإحياء اليوم العالمي للتأهب للأوبئة قائلة “الأوبئة تنتشر وتمتد بسرعة، وعلينا أن نستعد لها”.
وقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 7 ديسمبر/ كانون الأول من عام 2020، اعتماد يوم 27 من شهر ديسمبر/ كانون الأول من كل عام يوماً عالمياً للتأهب للأوبئة بهدف رفع مستوى الوعي حول كيفية الاستعداد لتفشي الأوبئة وحالات الطوارئ الصحية العامة الأخرى.
ولم يشكل انتشار الجوائح الصحية العالمية والأوبئة تهديداً لحياة البشر فقط، ولكن مثّل أيضاً تهديداً للنظم الصحية والاجتماعية والاقتصادية في العالم، وخصوصاً البلدان التي تعاني في الأساس من هذه النواحي، الأمر الذي زاد من خطورة هذه الأوبئة على حياة الناس فيها.
جائحة كورونا.. لن تكون الأخيرة!
وعقب جائحة “كوفيد 19” قدم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، تحذيراً قوياً للعالم من مخاطر تكرار الجائحة ومن عدم قدرة العالم على مواجهة مثل هذه الأزمات.
وقال جوتيريش في رسالته إن جائحة “كوفيد-19” أظهرت السرعة التي يمكن أن يجتاح بها مرض معدٍ العالم بأسره، فيدفع بالأنظمة الصحية إلى شفير الانهيار، ويقلب الحياة اليومية للبشرية جمعاء رأساً على عقب، وأشار جوتيريش إلى فشل الجميع في تعلم الدروس المستفادة في حالات الطوارئ الصحية الأخيرة مثل المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة “سارس” وإنفلونزا الطيور وزيكا والإيبولا وغيرها.
وقال إن العالم ما زال غير مهيأ للسيطرة على الأمراض، رغم أن تفشيها قد يكون محدوداً في أماكن معينة، ما يساعد في منع انتشارها عبر حدود البلدان منذ البداية، ومن ثم تحولها إلى جائحة عالمية، كما أكد جوتيريش في رسالته التي نشرها موقع الأمم المتحدة أن جائحة “كوفيد-19” لن تكون آخر جائحة تواجهها البشرية، فالأمراض المعدية لا تزال تشكل خطراً واضحاً وقائماً بالنسبة لكل بلد.
أنظمة صحية قوية..
ولفتت جائحة كورونا وانتشارها الأنظار إلى أهمية بناء أنظمة صحية، حيث أكدت الأمم المتحدة على الحاجة الملحة إلى إقامة نظم صحية قادرة على الصمود وقوية، تشمل الفئات الضعيفة أو التي تعيش ظروفا هشة، وتكون قادرة على التنفيذ الفعال للوائح الصحية الدولية.
وأكدت الامم المتحدة أن “المجتمعات بحاجة إلى أنظمة صحية أقوى، بما في ذلك توفير التغطية الصحية الشاملة، والناس وعائلاتهم بحاجة إلى مزيد من الحماية الاجتماعية، حيث تحتاج المجتمعات الواقعة في الخطوط الأمامية إلى الدعم في الوقت المناسب”.
وقال أنطونيو جوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة إن “البلدان تحتاج إلى تعاون تقني أكثر فعالية، ونحن بحاجة إلى أن نكون أكثر حذراً إزاء تعدي البشر على موائل الحيوانات، إذ إن 75% من الأمراض البشرية المعدية الجديدة منها والناشئة هي أمراض حيوانية المصدر”.
وتؤدي منظومة الأمم المتحدة، ولا سيما منظمة الصحة العالمية، دوراً محورياً في تنسيق تدابير التصدي للأوبئة، وفقاً لولايتها، ودعم الجهود الوطنية والإقليمية والدولية الرامية إلى الوقاية من الأمراض المعدية والأوبئة والتخفيف من آثارها ومعالجتها، وفقاً لهدف النهوض بخطة عام 2030.
أهداف الاحتفالية..
جاءت دعوة الأمم المتحدة لإحياء اليوم الدولي للتأهب للأوبئة لتحقيق عدد من الأهداف تتمثل أولاً في الاستعداد المستقبلي لأي وباء، وذلك من خلال امتلاك منظومة وقائية فاعلة عند الطوارئ، وهو ما أكده الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته بمناسبة هذا اليوم وهو “ضرورة بناء قدرات وقائية فاعلة”.
وتتضمن الأهداف أيضاً تشجيع التعاون بين حكومات العالم في مجال الطب والبحث العلمي وإدارة الأزمات الصحية، والتأكيد على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة في حالات انتشار الوباء، كتأمين وتوفير الأدوية الرئيسية واللقاحات والغذاء والماء وتسهيلات النقل والتوزيع العادل لهذه المواد.
كما تتضمن أهداف إحياء هذا اليوم بناء أنظمة صحية قوية حيث لفتت جائحة كورونا وانتشارها السريع عالمياً نظر الحكومات في العالم إلى ضرورة بناء أنظمة صحية تستطيع التصدي للطوارئ والجوائح، وكذلك ضرورة امتلاك الدول ذات الإمكانيات الضعيفة والبنى الصحية الهشة نظماً صحية تستطيع التصدي في حالات تفشي الوباء، بحيث تستطيع الطبقات المجتمعية الفقيرة فيها أن تتعامل مع اللوائح والإرشادات الوقائية الصحية العالمية.
كما شددت الأمم المتحدة إلى أهمية التوعية ودورها الكبير في الحد من انتشار الأوبئة، وأهمية تبادل المعلومات والمعارف والتجارب المحلية أيضاً، والتأكيد على أهمية الاستفادة من الدروس السابقة للوباء وهذا في حالة مواجهة أي وباء مستجد آخر لرفع مستوى الجاهزية والتأهب.
وأكدت المنظمة الدولية على أهمية تعزيز التضامن بين الأفراد في المجتمع وبين المجتمع والفرد والمجتمع والحكومة والحكومات مع المنظمات العالمية في كل مراحل التصدي للوباء.
أنشطة وفاعليات..
دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء فيها إضافة إلى كافة المنظمات العالمية والمجتمعات والجهات المختلفة للاحتفال بهذا اليوم، وذلك من خلال القيام بالعديد من النشاطات منها:
– محاضرات توعوية وتثقيفية تعرّف بالوباء وطرق التعامل معه وايقاف انتشاره.
– عرض البرامج التلفزيونية والأفلام الوثائقية الخاصة بموضوع الوباء وطرق مكافحته.
– توظيف مختلف وسائل التواصل الاجتماعي للتوعية الصحية وتبادل المعلومات.
– التعاون والتكاتف بين الأفراد والمجتمعات والتغاضي عن الخلافات الضيقة، فالتضامن الإنساني يساعد في كبح جماح الوباء.
للمزيد من الأخبار تابعوا صفحتنا على الفيسبوك –تلغرام –تويتر