مرايا

فيديل كاسترو .. ” أبو الثوار ” يغيب في زمن ” الثورات الفاسدة “

|| Midline-news || – الوسط  ..

بعد حياة حافلة رحل الزعيم الكوبي فيدل كاسترو عن عمر ناهز 90 عاما.. مسيرة تبدلت فيها مشاهد النجاح والإخفاق، لكنها وضعت القائد ذي اللحية الشهيرة ضمن قائمة من أبرز زعماء العالم.

على مدار 50 عاما ، ظل فيدل كاسترو شوكة في حلق الولايات المتحدة ، حتى صورته واشنطن وحلفاؤها  ” شيطانا “،  لكنه ظل صاحب مكانة فريدة في قلوب عشاق الاشتراكية في أميركا اللاتينية وإفريقيا ، حتى وفاته مساء الجمعة عن عمر 90 عاما .

فمنذ انتزع ” الثوار ” بقيادته السلطة عام 1959 من الديكتاتور باتيستا ، حكم فيدل كوبا بقبضة قوية تغطيها كاريزما طاغية ، فأقام دولة الحزب الواحد وأصبح أكثر من مجرد رئيس للبلاد.

ومنذ أن أطاح بالنظام الرأسمالي في كوبا ، تمكن كاسترو من كسب قلوب الفقراء بعد أن جعل التعليم والعلاج في متناولهم ، مما مهد له الطريق لشعبية غير مسبوقة امتدت إلى دول أخرى .

كما اشتهر بخطاباته الطويلة المفعمة بالوعيد ، والخطابة النارية التي توجه سهامها في الغالب إلى الولايات المتحدة ، التي لا تبعد عن شواطئ كوبا سوى 90 ميلا .

ومنذ بداية حكمه ، لم يرق نهج كاسترو السياسي للولايات المتحدة ، التي لم توفر جهدا لإسقاطه ، لكنها فشلت في ذلك .

وكان الزعيم الكوبي سلم السلطة في 2008 لشقيقه راؤول، المسؤول الثاني في الحزب منذ تأسيسه في 1965، بعد إصابته بالمرض. وفي نيسان/أبريل 2011 تخلى له عن آخر مسؤولياته الرسمية بصفته السكرتير الأول للحزب الشيوعي الكوبي.

وغاب فيدل تماما عن الأضواء بين شباط/فبراير 2014 ونيسان/أبريل 2015، ما غذى حينها شائعات حول حالته الصحية.

لكن منذ عام ونصف ورغم محدودية تنقلاته، عاد لنشر ” أفكاره ” وإلى استقبال شخصيات وأعيان أجانب في منزله .

وتأتي وفاة فيدل كاسترو بعد نحو عامين من الإعلان التاريخي عن التقارب بين كوبا والولايات المتحدة، ليطوي نهائيا صفحة الحرب الباردة التي أوصلت العالم إلى حافة النزاع النووي أثناء أزمة الصواريخ في تشرين الأول/أكتوبر 1962.

وعرف فيدل كاسترو بمواقفه الصاخبة وخطبه المطولة وايضا بزيه العسكري الاخضر الزيتوني وسيجاره ولحيته الاسطورية. وكان رمزا للكفاح ضد “الامبريالية الاميركية” مع حصيلة رديئة في مجال الحقوق المدنية والحريات.

وفيدل كاسترو نجل أحد كبار ملاكي الأراضي من ذوي الأصول الإسبانية، وقد فاجأ حتى أنصاره بتقربه من موسكو بعيد توليه الحكم في كانون الثاني/يناير 1959.

وتحدى فيدل كاسترو 11 رئيسا أمريكيا ونجا من مؤامرات لا تحصى لاغتياله بلغت رقما قياسيا من 638 محاولة بحسب موسوعة غينيس، إضافة إلى محاولة فاشلة لإنزال منفيين كوبيين مدعومين من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) في خليج الخنازير (جنوب كوبا) في نيسان/أبريل 1961.

وفرض جون كينيدي بعيد ذلك في شباط/فبراير 1962 حظرا تجاريا وماليا على كوبا، لا يزال ساري المفعول حتى الآن ويؤثر بشدة على اقتصاد كوبا رغم سلسلة من إجراءات التخفيف التي اعتمدتها إدارة الرئيس باراك أوباما.

وفي تشرين الأول/أكتوبر 1962 وقعت أزمة الصواريخ التي تسبب فيها نصب صواريخ نووية سوفياتية في كوبا ما ولد مزايدات وضعت العالم على حافة التهديد الذري. وقررت واشنطن فرض حصار بحري على كوبا، وانتهى الأمر بسحب موسكو صواريخها مقابل وعد أمريكي بعدم غزو كوبا.

وأراد فيدل كاسترو رفيق سلاح القائد الثوري الأرجنتيني إرنستو تشي غيفارا، أن يكون بطل تصدير الثورة الماركسية في امريكا اللاتينية، وكذلك في أفريقيا وخصوصا في أنغولا التي شاركت فيها قوات كوبية لمدة 15 عاما.

وأثارت تلك الثورة حينها نوعا من الإعجاب وافتخر النظام الكوبي بأنه قضى على الأمية وأقام نظاما صحيا ناجعا وفي متناول جميع سكان كوبا البالغ عددهم 11,1 مليونا، وهو إنجاز نادر في بلد فقير في أمريكا اللاتينية.

لكن انهيار الاتحاد السوفياتي، أهم ممول لكوبا، في 1991 سدد ضربة قوية للاقتصاد الكوبي. وواجه السكان نقصا كبيرا في التزويد. وأعلن فيدل كاسترو عندها “فترة خاصة في زمن السلم” وتكهن الكثيرون بنهاية نظامه.

غير أن فيدل بطل الانبعاث السياسي، وجد مصدرا جديدا للدخل مع السياحة وخصوصا مع حليفين جديدين هما الصين وفنزويلا في عهد الرئيس هوغو تشافيز الذي قدمه فيدل كاسترو باعتباره “ابنه الروحي”.

وأبقى فيدل كاسترو باستمرار حياته الخاصة بمنأى عن الأضواء. وشاركته حياته رفيقته داليا سوتو ديل فالي منذ ستينات القرن الماضي وأنجبا خمسة أطفال. ويتوقع أن تحضر جنازة رفيقها فيدل كاسترو الذي لديه ثلاثة أطفال آخرين على الأقل، بينهم بنت تعيش في ميامي، من ثلاث نساء أخريات.

وكالات
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى