عن المعرفة والشغف.. أحمد علي هلال

عن المعرفة والشغف.. أحمد علي هلال
ثمة من يعتقد بأنه كلما اتسعت المعرفة قلَّ الشغف!!، وفي ذلك ذهب فلاسفة ونقاد وباحثون دون أن ينفوا أو يثبتوا بالضرورة أن المعرفة قد تقلل من الشغف.
فماذا يعني أن تعرف أكثر فهل ذلك يقصي –الشغف- بوصفه دالّة المعرفة وأساسها المكين ومركوزها الدافئ، تتواتر الأسئلة لا سيما في مؤسسة الكتابة والتي تعصف بها أهواء واتجاهات وميول لا تُختزل بالبعد النفسي فحسب، بل بحاجة القارئ المعاصر إلى الاقتصاد الأدبي إذ إن المعلومة لابد لها من رداء لطيف يزدهي بها، لتصبح أكثر جاذبية في استقبال المتلقي، وبعدها يأتي الشغف ليقطّر المعرفة..
مثلاً في عوالم الإبداع المختلفة والتي يبدو أن ثابتها الوحيد قد أصبح هو المتغير، يجرب المبدعون الكتابة في غير جنس إبداعي، فماذا يعني الشغف هنا؟ هل هو شغف بقول كل شيء، أو بتجريب الكتابة وصهرها بما تتوق النفس له “شعراً أم رواية أم قصة قصيرة وربما لوحة تشكيلية”.
لا ينطوي الأمر بالضرورة على تبديد طاقة بعينها والتطير من تركيزها في جنس بعينه، بقدر ما ينطوي على حس المغامرة الإبداعية التي لا تخضع لقانون كما لا ترتهن له بالضرورة، ذلك أن النفس الإنسانية مفطورة على التعدد والتنوع، والسعي لقول مالا يقال بحثاً عن هوية للنص قد تكتمل وقد لا تكتمل، فمن النادر أن نجد مبدعاً أخلص لجنس إبداعي بعينه ولم يتنكب دروب الهجرة إلى الأجناس الأخرى.
إن الذي يغلف هذا السعي هو أكثر من التوق لارتياد آفاق الكتابة، فالكتابة هي تلك الجنية الساحرة، والتي تتبدى بغير وجه، ومن شأنها أن تغوي المبدع ليذهب إلى تخومها وآفاقها، بتطواف روحه فيهما، وما يعني القارئ اليوم في تلك “الرحلات أو الارتحالات” هو شكل العلاقة مع اللغة، كيف تستوي وتتجوهر لتشي بكلية الإنسان، لا لتصبح ظاهرة فحسب، بل تجلٍ لأزماته المعاصرة، في قلقه الكوني وبحثه عن المعادل لوجوده.
.
*كاتب وناقد فلسطيني- سوريا
.
-لمتابعتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews