عجول هاربة ! … أحمد علي هلال

عجول هاربة! لماذا تهرب العجول؟ ليس المهم هنا أن نعثر على جواب عاجل يداعب مخيلة وسائل التواصل الاجتماعي ومرتاديها، سؤال فادح السخرية وبنكهة سوداء تنفتح على مشهديات مركبة بسيطة ساذجة على الأرجح، ستصبح بُعيدَ العيد سكر الضحك وملح الأسى.
هذا الخائف الذي تخطئ الحبال في القبض على عنقه مازال طليقاً على مسرح مكتظ بالناس، والأدل بالصياح والهياج العام –هذا المسكين- بوعيه الغريزي الكامن أدرك أن ثمة ما ينتظره من مصير قاتم، كان يكفيه فيما مضى أن يغرس مصارع الثيران رماحه في رقبته ويزهو ذلك المصارع العتيد مختالاً بانتصاره، محيياً جمهوره بانتصار في معركة متكافئة إذ يسقط ذلك الثور مضرجاً بدمه لقاء غرزات محكمة ربما تطاول جسده، لكنه في مسرح محدود، وثمة فرق في ان يكون طليقاً في الشوارع مؤدياً (مونودراما) وسط الضحكات المبسترة، كأني به هارب من خيال روائي كسول لم يتقن ذلك -الروائي- نسج خيوط لعبته الروائية.
عجول هاربة ! … أحمد علي هلال
ماذا لو استمرأت العجول تلك المطاردة المثيرة ليفتح في أفق الصورة ، فالعالم الآن يا سيدي صورة فقد مضى زمن الكلام، ليأتي زمن كلام الصور لتلك الطقوس المضحكة، وما يزيدها إثارة تلك الطرائق المتقنة من تعليم (الذبح) ما خلا تلك العجول السمان، وسواها محض قرابين للقلق والانتظار والأحلام الرجيمة. (اضحك ابكِ) بلا مناسبة فقد قرأت كتاب الرسائل المتبادلة بين الشاعرين الراحلين محمود درويش وسميح القاسم، ولفتني القاسم برسالته لأخيه محمود إذ يختتمها بالقول (ماذا أصابنا أهو الخوف، أم هي الجرأة، أهي الرؤية، أم أنها الرؤيا، ماذا اصابنا اضحك يا ولدي اضحك… ابك يا بني ابك)، حقاً هذا هو العالم الذي خرج إلى نزهاته في سرديات الشوارع.