عاطف محفوض: قادرون على الإثبات للعالم أن لا مستحيل أمام إرادة الإنسان إذا واجه إعاقته وتحداها
الجريح البطل لم يستسلم لليأس وأسس فرقة "قادرون" المسرحية

|| Midline-news || – الوسط …
محمود هلهل
عاطف محفوض جريح سوري باسل، لم ينكسر ويخضع لليأس، بعد إصابته خلال مداهمة بعض أوكار الإرهابيين أثناء الحرب على سورية، فتعرض لإصابة أدت لكسر في الأضلاع وتفتت في الفقرة القطنية الأولى سببت تهتك في النخاع الشوكي نتج عنها شلل سفلي كامل حسي حركي. وبدأت رحلة العلاج في مشافي دمشق لأكثر من عام، ثم تم نقله إلى محافظته طرطوس.
صحيح أنه بعد مرور ثلاث سنوات وصل إلى مرحلة امتزج فيها الحزن بالألم لديه، بسبب وضعه الجديد! ومرّ بأزمة نفسية سيئة، لكن كما أسلفنا لم يستسلم لحزنه ويأسه، إذ نفض عنه بكل قوة وإرادة (الإحباط واليأس) واتخذ قرار التعايش مع الحالة الجديدة إيماناً باستمرارية الحياة، وقرر الانطلاق من جديد.. وعمل على المزيد من تثقيف نفسه بالقراءة والكتابة والموسيقى، وأسس فريق “قادرون المسرحي” في طرطوس، حيث قدم الفريق عدة عروض مسرحية.
إنما كيف كانت الانطلاقة بالتفصيل؟ وإلى أين؟ يجيب محفوض “كانت البداية مع المطالعة والقراءة.. ثم بدأت أتعلم العزف على العود بسبب حبي له، وقررت الخروج لزيارة أصدقائي من جرحى الجيش وبعضهم في وضع أصعب مني. وبتّ أعتاد على مواجهة المجتمع أو التواصل معه.
وحدث أن اتصل بي أحد الأصدقاء وعرض علي التطوع ضمن جمعية “فضا للتنمية المجتمعية” فكانت المرحلة المفصلية في حياتي إذ تطوعت في الجمعية واتبعت برنامج تنمية مهارات أنا ومجموعة أشخاص أيضاً لديهم إصابات وشباب جامعيين، شكلنا فريقاً ضمن الجمعية وبدأنا العمل لخلق تغيير إيجابي في المجتمع. واتبعت العديد من الدورات والورشات التي أضفت لشخصيتي العديد من المهارات والتفكير المختلف. بعدها قررت متابعة التعليم وسجلت في جامعة طرطوس التعليم المفتوح كلية الاقتصاد، فخضت أيضاً تجربة جديدة ومكان جديد، والهدف الدمج مع المجتمع بكافة المجالات. كما عملت لمدة سنة مع منظمة قرى الأطفال. ودعيت إلى عدة ورشات في بيروت أيضاً كان تحد كبير بالنسبة لي إنما النتيجة رائعة”.
في مرحلة لاحقة خاض محفوض تجربة جديدة، يشير إليها بقوله “خضت تجربة المسرح عبر فريق “قادرون” واتجهت للعمل المسرحي والإخراج والكتابة، فأنجزت ضمن الفريق العديد من الفعاليات التي تضمنت فقرات عديدة منها الباليه مع المدربة ميراي عيسى التي كانت قد أسست فريقها الباليه في الشيخ سعد. وقدمت عدة مسرحيات هادفة تحمل رسائل موجهة بهدف تعزيز قيم السلام والمحبة والإنسانية”.
يضيف مسترسلاً “كما أطلق الفريق عدة مبادرات لا تتصل بالمسرح مباشرة! فبعد دراسة واقع البيئة المحيطة وواقع مديرية الصحة والمراكز التابعة لها كونها أكثر جهة يحتاجها ذوي الاحتياجات بهدف سهولة الوصول وتأمين كافة المستلزمات، تم تهيئة مكان للكراسي المتحركة في مديرية الصحة وإنشاء عدة أماكن أخرى لذوي الاحتياجات الخاصة.. منها مركز الشيخ سعد الصحي ومركز الرادار الصحي.
كما قمنا بمبادرة كتابة رسائل سلام على جدران المدارس والأماكن العامة. وأيضاً مبادرة إعادة التدوير. بعدها اتجه الفريق كمبادرة فردية ممثلاً بالجريح عاطف محفوض والجريح مرهف منصور والجريح علي الأحمد للعمل الإنساني المتمثل بمتابعة حالات الجرحى إنشاء قاعدة بيانات من أجل استخلاص مشاريع تخدم كافة الجرحى باستخدام قدراتهم ولتحقيق الدمج في المجتمع”.
اتجه الفريق للعمل الثقافي مع فئة الأطفال كون هذه الشريحة هي مستقبل البلد والهدف من هذه الأعمال الثقافية ترسيخ قيم المحبة والسلام والتسامح في نفوس هؤلاء الأطفال و إيصال هذه الرسائل للمجتمع عن طريقهم.
يقول محفوض “قمنا بمبادرة “سوا منقدر” تمضنت فقرات فنون شعبية ورقص باليه وعروض مسرحية منها بعنوان”سورية الأم” وفعالية بعنوان “عبق النصر” بالتعاون مع اتحاد الطلبة في طرطوس بمناسبة عيد الشهداء تضمنت الفعالية فقرة كورال براعم. وعمل مسرحي بعنوان “نجمة الليل “تتحدث عن عظمة الشهادة وتضحيات جيشنا الباسل”.
واختتم محفوض بقوله “يتم العمل حالياً على ترخيص جمعية ثقافية، الهدف منها تنمية المواهب وإقامة الورشات التثقيفية وأهداف أخرى عديدة تستهدف ذوي الهمم والأطفال. فنحن قادرون أن نثبت للعالم أنه لا يوجد شي مستحيل أمام إرادة الإنسان برغم الإعاقات الموجودة . قادرون على صنع المعجزات بفكرنا وعزيمتنا . قادرون على نشر مفاهيم التسامح والسلام”.
وودعت “الوسط” جريحنا البطل الشجاع عاطف محفوض، وهو يردد “رسالتنا لكل العالم: نحن أصحاب الإرادة ومن عمق آلامنا نصنع الأمل لغد أفضل وهدفنا ترسيخ قيم العمل والتعاون والعمل الجماعي وتعزيز قيم المحبة والتسامح والسلام .”