إضاءاتالعناوين الرئيسية
شيطان الكتابة أم وحيها؟!.. أحمد علي هلال

…الوسط – midline-new
.
يعزو معظم المشتغلين في حقل الكتابة -وهنا الكتابة بوصفها مؤسسة- قبل أن تكون شيئاً آخر، إلى أنها محض إلهام سيتصل بما ذهب إليه القدماء، أي وادي عبقر الملهم للشعراء والأدباء وأضرابهم.
والآن هل نضب وادي عبقر ولا يبقى في الوادي إلا حجارته كما يُقال؟
بمعنى آخر كيف تأتي الكتابة محملة بطيوبها واستيهاماتها وهواجسها العليا، إلى الكاتب وكيف يأتي إليها الكاتب؟
الأمر محض جدليات متواترة لا سيما وأنها مازالت تمثل لدى البعض أكثر من أسلوب حياة و(متنفس)، إلى أن تكون قرائن للأرواح، وسكب النبض على أثير الورق، أو تراه سكب النبض في أثير العالم الافتراضي الأزرق، ليمتلئ ذلك الفضاء باحتشاد استعاري لمن رأوا أن (الواقع) مازال أمثولة بعينها.
ولكن كيف نجعل لهذه الأمثولة ما يليق بها من معادل، فلنسمّه ما شئنا وسيتعدد –بالطبع- هذا المعادل الذي لا تلتقطه سوى البصيرة وحدها، فضلاً عن التجربة التي تتوسل كمالها، إذن ثمة ما سمي بالنقص الضروري الذي يتوسل كماله وهو مأثرة كل كتابة حيّة تضارع الصدق في الأزمنة الملتبسة والتي لا تشبه إلا ذاتها، وهي تسعى لاهثة لافتراع الجمال لتعاند به قبحاً مستطيراً، فهل الكتابة في هذا السياق غاية أم وسيلة؟.
لن نختلف في إحراز الجواب على مسألة مركبة بامتياز، لأنها أي الكتابة هي العالم المتطير من تحديدات سابقة عليه تربك دهشته، إذ الكتابة والدهشة صنوان، لا سيما تلك الكتابات التي تبثها (كائنات ليلية).هكذا وبهذه الاستعارة يمكن أن نقارب ما يُكتب حينما يطوي النهار صحائفه، ليشرع الليل مداده بحبر الأرواح الساهرة أملاً بفسحة ضوء، ككسرة خبز تُلَقّم للأرواح، أو رجع ناي بعيد يرتب عزفه انكسار المساءات.
لعل نظريات الكتابة ومقارباتها البحثية والسيكولوجية والاجتماعية وسوى ذلك، ستظل في اثر الأجوبة الممكنة، بل الأسئلة الممكنة فقد سُئل الروائي أرنست همنغواي ما الكتابة: فأجاب غير متسرع (هي أن تشنق ذاتك وتكتب بعد الشنق)!.
لن نتسرع في استقبال هذه الجملة الأثيرة لهمنغواي، لأنه كان يذهب إلى المجاز الكتابة ولو جاء المجاز محتدماً وصادماً كعادة رواياته الصادمة حقاً، ربما كانت على سبيل التندر فحسب.
.
*كاتب وناقد فلسطيني– سوريا
صفحتنا على فيس بوك