اقتصاد

شركات الطاقة الأميركية.. الرابح الأكبر من الحرب في أوكرانيا

أنهت أسهم الطاقة عام 2022 على ارتفاع هائل في مقدمتها شركات الطاقة الأميركية الكبرى المسجلة بالبورصة رغم تراجع مؤشرات الأسهم في الأسواق الرئيسة.

وتشير الأرقام الأولية إلى أن شركات الطاقة الأميركية ربما كانت المستفيد الأكبر من الحرب في أوكرانيا، وما صاحبها من عقوبات على موسكو خصوصاً على قطاع الطاقة الروسي.

فقد حققت شركتا “شيفرون” و”إكسون موبيل” الأميركيتان وحدهما نحو /100/ مليار دولار من الأرباح في عام 2022، نتيجة أزمة الطاقة العالمية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، وارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي، خصوصاً في أوروبا وذلك وفقاً لتقديرات السوق الأميركية التي جمعتها شركة “كابيتال أي كيو” التابعة لمؤسسة “ستاندرد أند بورز” للتصنيف الائتماني.

وسجلت الشركتان أعلى معدل أرباح سنوي لهما، فيما اعتبرته صحيفة “الفايننشال تايمز” نتيجة لزيادة صادراتها إلى أوروبا واستمرارها بالتركيز على النفط والغاز في الوقت الذي يضغط فيه نشطاء البيئة من أجل التحول إلى مصادر طاقة أخرى قليلة الانبعاثات الكربونية المسببة للتغير المناخي.

ووصلت أرباح شركة “إكسون موبيل” العملاقة إلى /56/ مليار دولار، بينما كانت أرباح شركة “شيفرون” عند /37/ ملياراً على الأقل في تقدير أولي قابل للزيادة طبقاً لأرقام “كابيتال أي كيو”، ويختلف وضع شركات الطاقة الأميركية الكبرى بمئة وثمانين درجة عما كان عليه قبل عام ونصف، حين كانت تعاني بسبب هبوط أسعار النفط الناجم عن أزمة وباء كورونا وإغلاق الاقتصادات حول العالم.

الحرب في أوكرانيا..

تأتي تلك الأرباح الطائلة لشركات الطاقة الأميركية ليس فقط نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغاز، لكن أيضاً بسبب زيادة صادرات الطاقة الأميركية إلى الدول الأوروبية مع توقف إمدادات الطاقة الروسية نحو أوروبا، سواء مع استخدام موسكو سلاح الغاز الطبيعي للضغط على الدول الأوروبية، أو نتيجة العقوبات الغربية على روسيا بحظر استيراد الغاز والنفط منها.

ومنذ بدأت الحرب في أوكرانيا نهاية فبراير (شباط) من العام الماضي زادت الولايات المتحدة صادراتها من النفط المشحون بحراً في الناقلات إلى أوروبا، كما ضاعفت الولايات المتحدة صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا لتعويض نقص إمدادات الغاز الروسية وقبل الحرب كانت أوروبا تعتمد على الإمدادات الروسية لتوفير نسبة 40% من حاجاتها من الغاز، وفي صيف 2022 الماضي توصل الرئيس الأميركي جو بايدن إلى اتفاق مع القادة الأوروبيين على زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا بنحو /15/ مليار متر مكعب.

يذكر أن سعر الغاز الطبيعي المسال أعلى بكثير من سعر الغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب، وهذا ما أدى إلى زيادة كبيرة في عائدات الشركات الأميركية من التصدير إلى أوروبا، رغم أن إنتاج النفط في أميركا لم يرتفع كثيراً، إنما هو ارتفاع الأسعار وزيادة الصادرات إلى أوروبا نتيجة الحرب في أوكرانيا التي أدت إلى ارتفاع عائدات وأرباح الشركات الأميركية.

وبينت أرقام هيئة الطاقة الأميركية أن إنتاج الولايات المتحدة من النفط بقي عند مستوى /12/ مليون برميل يومياً، أي بما يقل نحو مليون برميل يومياً عن أعلى إنتاج وصل إليه في عام 2019 عند /13/ مليون برميل يومياً، ويقدر أن يشهد إنتاج النفط الأميركي زيادة نحو /500/ ألف برميل يومياً هذا العام.

الاستثمار في الطاقة المتجددة..

تعتبر شركات الطاقة الأميركية معدلات الأرباح غير المسبوقة دليلاً على صحة استراتيجياتها في مواجهة ضغوط الإدارة الأميركية عليها لزيادة الإنتاج كي تخفض أسعار الوقود بمحطات البنزين وذلك لاعتبارات انتخابية وأيضاً ضغوط أنصار البيئة بأن تغير الشركات سياساتها للاستثمار في الطاقة المتجددة بدلاً من الاستثمار في إنتاج النفط والغاز.

في هذا الشأن قال الرئيس التنفيذي لشركة “إكسون موبيل” دارين وودز: إن أرباح عام 2022 دليل قوي على أن الشركة “تسير على الطريق الصحيح”.

وإلى جانب توزيعات الأرباح على حملة الأسهم تعتزم شركة “إكسون موبيل” الاستمرار في إعادة شراء الأسهم بما يصل إلى /50/ مليار دولار حتى العام المقبل 2024، وكانت الشركة بالفعل أعادت شراء أسهمها بنحو /15/ مليار دولار العام الماضي، وقالت شركة “شيفرون” إنها ستعيد شراء أسهم بنحو /15/ مليار دولار.

وتثير مسألة استخدام شركات الطاقة الأميركية أرباحها الهائلة في إعادة شراء أسهمها أزمة مع الإدارة الأميركية التي تريد من الشركات استثمار تلك الأرباح في زيادة إنتاجها.

فقد اتهم كبير مستشاري الطاقة في البيت الأبيض ’’آموس هوكشتاين’’ في مقابلة مع “الفايننشال تايمز” الشهر الماضي شركات الطاقة الأميركية بأنها غير وطنية لتوزيعها الأرباح التي راكمتها نتيجة الحرب الروسية ضد أوكرانيا على المساهمين فيها وطالب المنتجين الأميركيين بضرورة استغلال الفرصة ومضاعفة الإنتاج.

تصريحات هوكشتاين جاءت مشابهة لانتقادات الرئيس الأميركي جو بايدن الذي اتهم شركات الطاقة الأميركية في سبتمبر (أيلول) الماضي بأنها “تتربح من الصراع في أوكرانيا حيث أدى ارتفاع أسعار النفط والغاز إلى جنيهم عائدات غير مسبوقة”، وتدافع هذه الشركات الطاقة الكبرى عن موقفها في وجه اتهامات الحكومة بأنها تضع سياساتها التشغيلية على أسس تقنية وليس لاعتبارات سياسية.

ورغم تخصيص شركات الطاقة الكبرى قدراً من ميزانياتها للاستثمار في إنتاج الطاقة من مصادر متجددة مثل الطاقة من الهيدروجين وغيرها إلا أنها مستمرة أيضاً في تطوير استثماراتها في إنتاج النفط والغاز.

وقد أعلنت شركة “إكسون موبيل” في استراتيجيتها طويلة المدى أن الطلب على النفط سيواصل النمو حتى عام 2040 وأن الاستهلاك العالمي من النفط في عام 2050 سيزيد بملايين البراميل يومياً عن معدلات الاستهلاك حالياً، وأن استهلاك الغاز الطبيعي سيرتفع بنسبة 50% عن معدلاته الحالية بحلول منتصف القرن.

يشار إلى أن الأهداف العالمية للمناخ تضع موعداً زمنياً لتقليص انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول عام 2050 لكن الرئيس التنفيذي لشركة “شيفرون” قال في مقابلة مع “الفايننشال تايمز”: إن الطاقة من النفط والغاز ستظل المحرك للاقتصاد العالمي بعد 20 عاماً من الآن لذا تخطط الشركات الأميركية الكبرى لاستغلال اكتشافات جديدة في تكساس ونيو مكسيكو.

وتخطط شركة “إكسون موبيل” لاستكشاف حقول في المياه العميقة بالبرازيل وغويانا لزيادة إنتاجها بنسبة 15% بحلول عام 2027.

المصدر: إندبندنت عربية

للمزيد من الأخبار تابعوا صفحتنا على الفيسبوك  –تلغرام –تويتر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى