إضاءاتالعناوين الرئيسية

“شارلي شابلن” في دمشق.. أحمد علي هلال

|| Midline-news || – الوسط …
.

وأنت تمر من أمام مطعم “شابلن” بدمشق لا يبدو ذلك –المطعم- كأي مطعم آخر في مدينة دمشق بل ثمة طقس يجذبك إليه… ماذا لو دعاك “شارلي شابلن” إليه بحركاته وإيحاءاته وكأنه بطل في الأفلام الصامتة، وما عليك إن لم تدخل إلا أن تبتسم وتمضي مبهوراً بتلك الحركات الرشيقة دون كلام.

إذن شارلي شابلن في سورية يدعوك للدخول والجلوس مكتفياً بتحيتك، تُرى ما الرابط ما بين السير تشارلز سبنسر شابلن الممثل الكوميدي الانكليزي الذي عرفته السينما، الملحن والمخرج وكاتب السيناريو صاحب الصيت الأوفر حظاً زمن الأفلام الصامتة، حتى قيل عنه أنه أيقونة لا سيما وأنه المتشرد والصعلوك والمتسكع، الذي ألهم خيال صُنَّاع السينما، فبرعوا في اكتشاف أدواره التي لا تمحى من الذاكرة، ومعها لن يُنسى ذلك القدر من  الابتسامات التي تأخذنا إلى مفارقات شابلن الأصل، المفارقات الوجودية والاجتماعية والإنسانية وحتى الثقافية، ما الرابط إذن بين الشاب اللطيف (هادي) وشابلن ولعل العلاقة ستبدو على ذلك القدر من الحميمية ليس في أسلوب المحاكاة واتقان الحركات، بقدر ما هي خفة الروح التي تتماهى فيها الشخصيتان حدَّ بعث الشخصية الأصل، فشابلن قد زار دمشق عام 1929، لحضور افتتاح فيلمه (السرك)، وعلينا هنا أن نذهب إلى فضاء السرك المستمر الذي أجاد فيه هادي دوره (كممثل) يصنع فرحاً للزائرين بالمجان، ويخطف منهم ابتسامات سريعة، فإن لبوا دعوته ودخلوا سيمتعهم برشاقته الحركية وابتسامته التي تجعل من شابلن الأصل حياَ في دمشق.

لكن المفجع حينما يقضي هادي  في حادث ما، ويظل اسمه حاضراً كما شابلن في أفلامه الصامتة التي شكلت جزءاً حيوياً من ذاكرة السينما وذاكرة العصر الفيكتوري، إذن القليل من الفرح في مقابل الكثير من الألم، هي صناعة بامتياز لا يجيدها إلا من اكتووا بالألم واختاروا أن يفرحوا الناس على طريقتهم، وعبر سلطة الأنموذج الحاضرة في الذاكرة، ولعل هادي سيكون لحظة من لحظات شابلن في الأداء المسرحي المتقن، الذي لا يمكن أن ينساه مرتادو المطعم الدمشقي.
أجل إن صناعة الضحك اليوم أصبحت من أشق الصناعات وأنبلها، لأنها هي القادرة بمن امتلك روحاً نبيلةً على أن يكتب سطراً كثيفاً في مدونة يومياتنا الحارقة والمترعة بنقائض المعيش اليومي، وهجائيات أزمنتنا التي لا تشبه إلا ذاتها، وما بين هادي وشابلن يظل زمن  الابتسام متصلاً ومنفصلاً ليشي بكل أدواره المحتملة في جسر الهوة ما بين الواقع والخيال، إذ الواقع اصبح خيالاً بما يكفي.
.

*كاتب وناقد فلسطيني- سورية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى