دعوات لوقف القتال في أوكرانيا خلال كأس العالم
في أثناء حضوره قمة مجموعة الدول العشرين، بالعاصمة الإندونيسية بالي، دعا رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، جياني أنفانتينو، إلى هدنة بين الأطراف المتحاربة في أوكرانيا، تزامناً مع دورة كأس العالم التي ستستضيفها قطر بداية من 20 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
فيما تعد الدعوة إلى وقف الاقتتال تزامناً مع المناسبات الرياضية تقليداً إنسانياً عريقاً، يعود تاريخه لآلاف السنين، إذ غالباً ما يتزامن مع دورات الألعاب الأولمبية، وكانت أخر دعوة لهدنة رياضية تلك التي دعا إليها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بمناسبة الألعاب الأولمبية الشتوية فبراير/شباط الماضي.
هدنة المونديال..
وفي خطابه أمام قادة مجموعة العشرين، يوم الثلاثاء، قال رئيس “الفيفا” السويسري جياني أنفانتينو: “كرة القدم أكثر من مجرد رياضة، ولها تأثير اجتماعي ضخم (…) كرة القدم تعني الشغف والتسامح والاندماج والتعليم، وبالتالي فإن كأس العالم مناسبة لجمع الناس معاً في سلام، والاستمتاع بشيء نحن في أمسّ الحاجة إليه في الأوقات المضطربة التي نعيشها”.
وأضاف أنفانتينو مناشداً حضور القمة: “أنتم قادة العالم ولديكم القدرة على التأثير في مجرى التاريخ (…) ما أناشدكم به جميعاً هو التفكير في وقف إطلاق نار مؤقت، لمدة شهر واحد، طوال فترة كأس العالم لكرة القدم، أو على الأقل إنشاء ممرات إنسانية، أو أي شيء يمكن أن يؤدي إلى استئناف الحوار كخطوة أولى نحو السلام”.
وليست هذه هي المرة الأولى خلال هذا العام، التي يجرى فيها الدعوة إلى هدنة تزامناً مع حدث رياضي، فقبل أنفانتينو، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مطلع فبراير/ شباط الماضي، أطراف النزاع الإثيوبي إلى إعلان هدنة بمناسبة الألعاب الأولمبية الشتوية التي كانت تحتضنها الصين، وقال غوتيريش وقتها في بيان: “بينما أستعد للمغادرة لحضور دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية، أوجه أقوى نداء ممكن لجميع الأطراف في إثيوبيا من أجل وقف فوري للأعمال العدائية”، مضيفاً أن تعليق الأعمال العدائية يوفر فرصة لـ “وصول المساعدات الإنسانية الفعالة، والإغاثة إلى جميع السكان المتضررين في جميع أنحاء إثيوبيا”.
كرة قدم وسط الحرب العالمية الأولى..
ومن بين أبرز اللحظات الرياضية التي لعبت فيها كرة القدم دور إحلال السلام، كانت في أواسط الحرب العالمية الأولى، سنة 1914، خلال ما سُمي وقتها بـ “هدنة أعياد الميلاد”، إذ وضعت القوات المتحاربة وقتها أسلحتها جانباً، والتقوا فيما بينهم للعب مباريات كرة القدم، احتفاءً بوقف إطلاق النار.
وهو ما يؤكده المؤرخ البريطاني مايك داش، بقوله: “يوجد كثير من الأدلة على أن كرة القدم كانت تُلعب في يوم عيد الميلاد، معظمها من رجال من الجنسية نفسها، ولكن في ثلاثة أو أربعة أماكن على الأقل بين القوات من الجيوش المتحاربة”، وفي رساله له نُشرت في صحيفة “التايمز البريطانية، في 1 يناير/كانون الثاني 1915، أوضح طبيب في الجيش البريطاني: أنه “لُعبت مباراة كرة قدم بيننا وبينهم أمام الخندق”، كما تشير رواية أخرى، من الجانب الألماني، إلى إجراء مباراة بين الفوج الملكي السكسوني 133 والجنود الاسكتلنديين، والتي فاز بها الألمان بثلاثة أهداف لاثنين.
تاريخ هدنات الألعاب الأولمبية..
ولد تقليد الهدنة الأولمبية الإغريقي القديم المسمى “إيكيتشيريا”، في القرن الثامن قبل الميلاد، وشكّل المبدأ الذي تستند إليه تلك الألعاب، إذ يبدأ سريانها قبل سبعة أيام من افتتاح الألعاب، وينتهي في اليوم السابع من اختتامها، وخلال هذه الفترة كان يجري وقف جميع النزاعات لتمكين الرياضيين وأقاربهم من السفر بأمان إلى مناطق الألعاب والعودة لاحقاً إلى بلدانهم.
وترجع إعادة هذا التقليد في وقتنا المعاصر إلى 1992، حين جددته اللجنة الأولمبية بأن دعت سائر الأمم إلى مراعاة هذه الهدنة، ومنذ عام 1993 نما التأييد للهدنة الأولمبية بشكل كبير داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، في حين قررت اللجنة الأولمبية الدولية عام 1998 رفع عَلم الأمم المتحدة في جميع مواقع مباريات الألعاب الأولمبية.
وشرع رؤساء الجمعية العامة للأمم المتحدة، بداية من عام 1994، في إصدار نداء رسمي لمراعاة الهدنة خلال الألعاب الأولمبية، قبل بدء الدورة الصيفية للألعاب الأولمبية والبارالمبية أو الدورة الشتوية، وقبل دعوته لها في فبراير/ شباط، سبق للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن دعا إلى هدنة قبيل انطلاق دورة طوكيو صيف 2021، إذ قال وقتها: “كان عليهم التغلب على عقبات هائلة للمشاركة، في خضم جائحة كوفيد-19.. نحن بحاجة إلى إظهار القوة نفسها والتضامن في جهودنا لإحلال السلام في عالمنا”.