إعلام - نيوميديا
داعش يخسر الأرض ويتقدّم في الإرهاب الدولي
الميادين .. عن صحيفة نيويورك تايمز
كشف تنظيم داعش خلال الأيّام القليلة الماضية عن أوجه إرهابه المتنّوعة والمميتة.يقول مسؤولون في تركيا إنّ مجموعة مسلّحين تتلقّى تعليماتها من داعش شنّت هجوماً انتحارياً منسّقاً في الأسبوع الماضي على مطار اسطنبول الأساسي. وفي بنغلاديش، قتلت مجموعة متطرّفة محليّة كانت قد أعلنت ولاءها لداعش رواد أحد المطاعم يوم الجمعة. وفي بغداد، تبنّى داعش تفجير يوم الأحد الذي ذهب ضحيّته أكثر من 140 شخصاً. وبات مسؤولون في المخابرات والقوى الأمنية يعتبرون هذه الهجمات الثلاث خير دليل على أنّ داعش، وهو التنظيم الإرهابي الوحيد الذي أسّس دولة ذات حدود، يتحوّل إلى نسخة أكبر وأكثر تطوّراً من تنظيم القاعدة، منافسه الرئيسي الذي لم ينشئ دولة، في ظلّ خسارته مساحات من أراضيه بفعل هجوم عسكري تقليدي في العراق وسوريا. وبحسب مسؤول في مجال مكافحة الإرهاب، أصبح المسلّحون المتطوّعون الذين بدأ داعش بتجنيدهم وتدريبهم وإرسالهم إلى الغرب جزءاً من شبكات سريّة متطوّرة. وتستجيب هذه الشبكات على نحو متزايد لدعوات بزيادة الهجمات عالمياً، لما تعانيه المجموعة من هزائم في عقر دارها، كالانسحاب من الفلّوجة في الشهر الماضي بعد هجوم شنّته القوات العراقيّة بدعم عسكري جوي واستشاري أميركي. وقال كبير المحلّلين السياسيين في مؤسسة الأبحاث والتطوير أندرو ليبمان، وهو نائب مدير سابق في المركز الوطني لمكافحة الإرهاب “لا تأخذ الهجمات شكلاً محدّداً – فبعضها مخطط مركزياً، وبعضها مرتبط بداعش، وبعضها خيار محلّي بحت.” ويعي المسؤولون الأميركيّون أنّ الهجمات العسكريّة في العراق وسوريا وحدها لا تكفي لمحاربة مجموعة التهديدات المتنوّعة والمعقّدة التي تشمل هجمات مستوحاة من داعش، وهجمات توجّهها عن بعد، وهجمات تنفذّها بنفسها، كتلك التي حدثت في بغداد. وبات الدرء والردع والتعامل مع مجموعة التهديدات الآخذة في التوسّع والتي تستهدف بشكل رئيس المدنيين الموزعين على مساحة شاسعة أولويات تزداد أهميّة بالنسبة إلى أجهزة الاستخبارات والأمن الغربية وحلفائها. وقال النائب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا والعضو البارز في لجنة الاستخبارات البرلمانية آدم سكيف خلال مقابلة له في برنامج Face the Nation الذي يبث على قناة “سي بي إس” إن”أهمية الحملة العالميّة ضد الإرهاب تتغيّر ما يولّد نقاط ضعفٍ جديدة.”وخلال المقابلات في الآونة الأخيرة، كان رئيس وكالة المخابرات المركزيّة جون برينان صريحاً حول التقدّم البطيء في القتال ضد داعش خارج سوريا والعراق، وأعرب عن قلقه من أن سياسة الحلفاء ليست على مستوى عدو قادر على التكيّف. وصرّح برينان أمام جمهور في مجلس العلاقات الخارجيّة الأسبوع الماضي “لا يزال علينا فعل الكثير قبل أن يسعنا القول إنّنا حقّقنا تقدمًا في مواجهتهم.” وحذّر من أنّ مساري خلافة داعش والعنف العالمي متعاكسان قائلًا:”نعتقد أنّه كلّما ازداد الضغط على داعش، سيكثّف حملته لنشر الإرهاب في العالم، وذلك ليستمر في سيطرته على جدول الأعمال العالمي لمحاربة الإرهاب.” وصرّح المتحدّث باسم داعش أبو محمد العدناني أنّ الدولة ستعود إلى حرب العصابات. وحمل تصريحه اعترافاً ضمنياً بأنّ داعش ستخسر في نهاية المطاف معاقلها في سوريا والعراق، كذلك ستخسر الخلافة التي ميّزتها عن القاعدة وغيرها من المجموعات الإرهابيّة. وكرّر العدناني، الذي يشرف على عمليّات داعش الخارجيّة، دعوته للمناصرين بمهاجمة أعداء الدولة أينما وكيفما استطاعوا. وأشار مدير الاستخبارات الوطنيّة جيمس كلابر في شهر نيسان/ إبريل إلى أنّ داعش يدير خلايا إرهابيّة سريّة في بريطانيا وألمانيا وإيطاليا شبيهة بتلك التي شنّت الهجمات في باريس وبروكسل. وبحسب مسؤولين آخرين في الاستخبارات، فإنّ داعش يدير خلايا كالتي ذكرت سابقا ً في تركيا، ومن المرجّح أن تكون متورطة في الهجوم على مطار اسطنبول في الأسبوع الماضي.ويعتقد بعض المسؤولين في مجال مكافحة الإرهاب أنّ هجمات داعش يمكن أن تأتي بنتائج عكسيّة. وفي هذا الصدد، قال مسؤول مكافحة الارهاب السابق في وزارة الخارجية ويل مكانتس الذي يعمل حالياً في معهد بروكينجز: “يهدف داعش بهذه الهجمات إلى ردع أعدائه وتقسيمهم، لكنّه عادة ما ينتهي به المطاف باستفزازهم”. وأضاف أنّه يتوقّع أن يدفع هجوم اسطنبول تركيا إلى تكثيف جهودها لمحاربة داعش، على غرار ما فعلت فرنسا إثر هجمات باريس. وسعى الرئيس أوباما إلى إرسال رسالة تفاؤل في مواجهة هذا العدو المتعدّد الأوجه، فقال في 14 حزيران/ يونيو بعد اجتماعه بمستشاري الأمن القومي للتشاور بموضوع محاربة داعش: “نرى أنّ هذه الحرب لا تزال صعبة، لكنّنا نحقّق تقدّماً ملموساً، ففي الوقت الحالي تعمل الحملة ضد الإرهاب بفعالّيتها القصوى.”وبعد سنتين من بداية الحرب الجويّة بقيادة الولايات المتحدة ضد داعش، صرّح مسؤولون عسكريّون أنّهم حسّنوا ما عانت منه الحملة في السابق من مستوى سيء لجمع المعلومات الاستخباراتيّة، وطرق غير منظمة لتحديد الأهداف، وباتوا حالياً يضربون أهدافاً تشمل منصّات نفطيّة وخزائن أموال سريّة تمّول آلة حرب المجموعة الإرهابيّة. وجعلت الحملة العسكريّة بقيادة الولايات المتحدة داعش يخسر نصف إيراداته النفطيّة، لكنّه لا يزال يجني 150 مليون دولار سنوياً. ويعلّق المتحدث العسكري باسم الولايات المتحدة في العراق العقيد كريستوفر كارفر على هذا المبلغ قائلًا “إنّه مبلغ كبير، ويمكن من خلاله تمويل الكثير من العمليّات حول العالم.” وأشار محلّلون استخباراتيون أميركيّون إلى أنّ داعش خفّض رواتب المقاتلين بنسبة تصل إلى 50% في الرقّة، وهي مقرّ داعش الفعلي في سوريا، نتيجة خسارته نصف إيراداته النفطيّة. وأعلن مبعوث الرئيس الأميركي الخاص للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش بريت ماكغورك في شهادة أدلى بها أمام لجنة في مجلس الشيوخ أنّ المجموعة الإرهابيّة قد خسرت 47% من أراضيها في العراق و20% من أراضيها في سوريا. وكانت تستفيد من هذه المساحات في استخراج النفط منها وجمع الضرائب من سكّانها، كذلك كانت تستغلّها للتخطيط لهجمات ضد الغرب. وقال المحلّل السياسي في مؤسسة الأبحاث والتطوير الأميركية (راند) أندرو ليبمان “ما جذب الناس إلى داعش هي فكرة الدولة. فلا شكّ أنّ الأيديولوجيّة أغرت النّاس، لكن المقصد منها كان أكثر أهميّة وهو بناء الدولة السنيّة المثلى. وعند خسارة الدولة، سيخسر داعش أهم ما يجذب الناس إليه”.