رأي

حلها إذا بتنحل معك .. غسان أديب المعلم ..

 

“الفوضى الخلّاقة” قد يكون هذا المصطلح هو الأكثر تداولاً في مشرقنا البائس بعد ظهور نتائج ما يُسمّى بالربيع العربيّ، وقد يكون المصطلح الشمّاعة الأكثر رواجاً في تحميل النكبات والنكسات، وقد يربطه البعض بمصطلح آخر وهو الشرق الأوسط الجديد أو مايُعرف بنظريّة وزيرة الخارجيّة الأمريكيّة كونداليزا رايس التي أشعلت فتيل البارود في المنطقة.

وأغلب هذه الأحداث وارتباطها بالمصطلحات المذكورة صحيحة بالمجمل، لكنّ الأمر ليس وليد اليوم أو نتيجة حدث طارئ أو مفاجئ كالحرب.

هذه هي السياسة الأمريكيّة بأوضح صورة منذ بداية القرن التاسع عشر مع مؤسس هذه النظريّة “تاير ماهان 1902”

والذي تبعه مواطنه الأمريكي “مايكل ليدين” بالاستفاضة أكثر بهذه النظريّة ليصل إلى تعريف جديد عُرف بـ “الفوضى الهدّامة”

أو التدمير البنّاء، ولسنا هنا في تفصيل النظريّة برغم أهميّتها لكونها معروفة للجميع، لكننا بصدد تسليط الضوء على تفاصيلها وارتباطها بالشأن السوريّ بأدقّ التفاصيل.

فالسياسة الأمريكيّة اعتمدت على مدرستين متوافقتين مع هذه النظريّة:

المدرسة الأولى: مدرسة فرانسيس فوكوياما التي تُعرف بنهاية التاريخ.

المدرسة الثانية: وهي الأهم بالشأن السوري، مدرسة صموئيل هنتنغتون والتي تُعرف بصراع الحضارات، والتي يتعمّق صاحبها ويبحر فيها على أنها تعتمد نظرية “فجوة الاستقرار” وهي ما يحدث بالشأن السوري بالمسطرة والبيكار، فهي تعني الفجوة التي يشعر فيها المواطن بين ماهو كائن وما ينبغي أن يكون، وتنعكس هذه النظرية بضيقها أو اتساعها على الفوضى والدمار في حال انعدام الحريّات بكافّة أشكالها سواء السياسيّة أو الاقتصاديّة أو غيرها.

بالنسبة للشأن الأقتصاديّ، فحدّث ولا حرج عن النكبات التي تهطل كالمطر على رأس الشعب السوريّ بالعموم (أمريكا مساهمة كبرى وشريك).

أمّا الشأن السياسيّ، فالفوضى وانعدام الاستقرار على أوجها، فالعدوان ونوايا التقسيم من كلّ حدبٍ وصوب، الكيان الإسرائيلي من الجنوب، والأمريكي في الشرق، والتركيّ من الشمال، وبالمقابل .. المواقف بشأن كلّ هذه الأطماع تتصدّر عناوينها الفوضى المدروسة.

فالعدوان التركيّ الذي يشكّل محور الحدث في هذه الأوقات قد أعلن خفض الطروحات والآمال العسكريّة مكتفياً بمنطقتي “تل رفعت – منبج” التي ترزح تحت سيطرة قوات الحماية الكرديّة، والتي بدورها طلبت العون من الحليف الأمريكيّ ليكون الردّ بأن أمريكا تتعاون معها في مجالٍ واحد هو محاربة داعش! ومن جهة ثانية يرفض الأمريكيّ كما يدّعي التدخلّ التركيّ، أمّا التركي فيحصل من جديد على تفهّم روسيّ لحذره من الانفصاليّين الأكراد، والذين بدورهم يطلبون بعد هذه المعمعة العون من أمّهم سوريا، والتي بدورها تُرسل وحدات عسكريّة باتجاه منطقة “تل رفعت – منبج” لكن قوات الحماية ترفض تسليمها.

فأيّ فوضى سياسيّة هذه!؟..

أو كما يقول المثل الشعبيّ: حلّها إذا بتنحلّ معك ..

الحلّ: لستُ من المنظّرين في هذا الشأن، لكن من واجبي وواجب كلّ سوريّ أن يستنفر لأجل سوريانا ولو بكلمة، ولو عبر دعوة، ولو بنداء استغاثة، فكلّ متر مربّع سيحتلّه العدوّ التركيّ والأمريكيّ ستكون تكلفة تحريره عشرات الشهداء إن لم نقل مئات وآلاف، وكلّ لحظة يسودها الصمت هي بمثابة ضوء أخضر للعدوان، فالهدف كان ومازال تقسيم سوريا وانتاج سوريا الضعيفة، ومن كلّ الأطراف وأقصد التركيّ والاسرائيليّ وصولاً إلى الأمريكيّ الذي اعتمد هذه النظريّة، وللأسف ساعده وتماهى معه الكثير من العملاء في الداخل.

وبالعودة إلى نظرية الفوضى، وبرغم التباين بين نظريّتيّ فوكوياما و هنتنغتون إلّا أنّهما متفقتين على ضرورة هدم الدول ونشوء كيانات جديدة تحت قيادة أمريكا.

المشروع الأمريكيّ لا ولن يسقط عبر ترديد كلمات المحلّلين المأجورين لنغمة السقوط على شاشات الإعلام، المشروع الأمريكيّ لا يسقط إلّا أمام دولة مواطنة حقيقيّة.

فلتكن الدعوات للحوار والحريّات الحقيقيّة تحت ظلّ حكومة تكنوقراط وطنيّة، والوقوف بمشروع وطنيّ جامع أمام مخطّطات الفوضى الهدّامة وأطماع الأعداء، قبل أن نصبح نسياً منسيّا.

*كاتب وروائي من سوريا – دمشق
المقال يعبر عن رأي الكاتب

 

صفحتنا على فيس بوك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والإيراني إبراهيم رئيسي يشهدان عبر رابط الفيديو توقيع اتفاق إنشاء خط للسكك الحديدية رشت - آستارا باريس: الحكم بالسجن 3 سنوات على ساركوزي بقضية فساد وكالة مساعدات تابعة للأمم المتحدة: خطة الاستجابة الإنسانية للصراع في السودان تتطلب 2.56 مليار دولار الولايات المتحدة تعلن تضرر نظام "باتريوت" في هجوم صاروخي على أوكرانيا قاضية فرنسية تصدر مذكرة توقيف دولية بحق حاكم مصرف لبنان وفاة المخرج السوري هشام شربتجي عن عمر يناهز 75 عاماً بدء أعمال اجتماع المندوبين وكبار مسؤولي وزارات الخارجية العربية في جدة تايلاند: زعيم المعارضة يعلن فوزه في الانتخابات التشريعية تركيا تستعد لجولة انتخابات رئاسية ثانية للمرة الأولى في تاريخها دعوة عمران خان للتظاهر "انتزاعاً للحرية" تلقى تجاوباً محدوداً بعد أسبوع من الاضطرابات في باكستان برشلونة بطلاً للدوري الإسباني لكرة القدم للمرة الـ 27 في تاريخه بعد فوزه على إسبانيول بنتيجة 4-2 إغلاق صناديق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا وزير الداخلية التركي: 601 ألف فرد أمن يشاركون في تأمين الانتخابات بمشاركة وفد سورية.. انطلاق أعمال اجتماع كبار المسؤولين للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري لأعمال القمة العربية المقرر عقدها بالسعودية في الـ 19 من أيار الجاري تركيا: صناديق الاقتراع تفتح أبوابها في الانتخابات الرئاسية والتشريعية في البلاد الانتخابات الرئاسية.. تركيا تدخل مرحلة الصمت الانتخابي مدرّب برشلونة الإسباني تشافي يرى أن برشلونة سيبدأ حقبة جديدة بعد رحيل قائد الفريق سيرجيو بوسكيتس نهاية الموسم الحالي إثر انتهاء عقده بورما وبنغلادش في سباق مع الوقت للفرار من الإعصار موكا أردوغان يصلي في آياصوفيا عشية الانتخابات الرئاسية دوري أبطال إفريقيا لكرة القدم.. الأهلي المصري على أبواب النهائي بثلاثية ضد الترجي التونسي الـرئيس التونسي ينفي معاداة الدولة للسامية بعد هجوم جربة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحذر أنصاره من دفع ثمن باهظ في حال صعود منافسه العلماني إلى السلطة في الانتخابات المقررة نهاية الأسبوع الروسي أرمان أداميان يفوز بذهبية بطولة العالم للجودو في الدوحة رئيس الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود (فرونتكس) هانز ليتينز: عمليات عبور المهاجرين للمتوسط تبلغ مستويات قياسية الرئيس التركي يعرب عن حزنه لانسحاب إنجه ويلمح إلى مسؤولية كليجدار أوغلو توقيع اتفاق أولي بين الجيش السوداني والدعم السريع في جدة المدعي الفرنسي يتهم ساركوزي بالفساد والحصول على تمويل ليبي في الانتخابات الرئاسية ويطالب بمحاكمته محرم إنجه أحد المنافسين الأربعة للرئيس التركي في الانتخابات الرئاسية يعلن انسحابه من السباق استئناف تصدير النفط العراقي عبر منفذ “جيهان” التركي وسائل إعلام: اعتداء إسرائيلي على قطاع غزة المحاصر