حكايات غير منسية … أحمد علي هلال
حكايات غير منسية …
“كلهم بخير إلا أنا” هذا ما جهر به من فقد عائلته إثر الزلزال المدمر.. والتي يبدو أنها أصبحت مفتاحاً سردياً، من شأنه أن يلهم المخيلة أكثر، ذلك أن الواقع أصبح أمثولة بذاته، نتساءل عن فضيلة الخيال في واقع يمتد على ضفاف الحكايات ولنشتق منه معنى المعنى، لنظفر بتهدئة للأرواح القلقة وللقلوب المرتجفة وللكلمات التي لم تستنفد بعد، فمازالت -الكلمات- تتقرى في الركام ما يعينها على أن تأتي لابسة أثواب الحياة، وجاهرة بما سيبقى، فإذا كانت أمثولة الشعر تقول على هذه الأرض ما يستحق الحياة ، فإن الحياة هنا هي شكل من الافتراع والاجتراح، وليست بأشكال ناجزة.
إذن فالحكاية توأم الحياة الذاهبين إلى صباحاتهم الأخرى، من يخبئون تحت -جلدها- عواصف النبض وفيوضات الوجدان، وجبالاً من ملح الدموع، وبما تكتنزه آبار القلب: أكثر من دمعتين، فهل نروم في هذه السياقات الضارية المفعمة بالتراجيديا الطليقة، التأريخ فحسب، أم سنذهب إلى ما يحاكي أفعال الحياة كما هجست بها مدونات الإبداع كلها جديدها وسالفها، ما يعني هنا تنشيط التفكير بالجدوى من الكلمات، فكثير من الناس جهر ذات حزن رجيم أنه لا جدوى من الكلمات!
حكايات غير منسية …
تلك مفارقة باذخة علينا أن نعللها كثيراً ونحن نغذ الخطا في دروب اتسعت مراياها، وتحت سماوات مازالت هي هي، مزنرة بالنجوم وبترانيم الشموس، وفي سفر أحوالنا مازالت الكلمات تواسى بالكلمات، لكن معجم الأفعال يضرب بجذوره أرض الذاكرة، وما سوى ذلك محض عزاء، ففي الأزمات تتطهر الكينونة لترقى بضمائرها، على الرغم من شيوع النقائض وطغيان المفارقات، فهل يعتد بالهوامش على حساب الاستثناء، فالاستثناء الحصري هو ذلك الإنسان الذي يستعيد كلماته ليقول في صباحات الشمس، إني هنا وهذا مكاني، ولعل الإنسان المعاصر بكل أزماته المركبة سيبحث عن غير طوق نجاة، ينسى قليلاً ويتذكر كثيراً ويمضي على تلك الدروب التي سيستعيد هويتها لتنجو الإنسانية/ الإنسانية ذلك المجاز الكبير، الذي لا يظفر إلا بأفعال الجسارة، لكنه لا يأبد الألم وسيخترع للفرح غير عنوان يليق به، الإنسانية كتاب الأبدية المفتوح آن أن نأخذه بقوة.
.
*كاتب وناقد فلسطيني- سوريا