اقتصادالعناوين الرئيسية

ليبيا تتجه لـ”تقنية حقول النفط الذكية”.. فماذا تجني نفطياً؟

تمكنت الصناعة النفطية في ليبيا أخيراً، من الحصول على تأشيرة الدخول إلى عالم التطبيقات الذكية، في أواخر شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث كانت شركة “سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز” أول من استخدم تطبيق “تقنيات حقول النفط الذكية”.

وتتيح تقنية حقول النفط الذكية سرعة وصول المعلومات عن حالة آبار النفط من حيث الإنتاج أو المشكلات الفنية والتقنية التي تعترض عملية تصنيع النفط والغاز إلى غرف المراقبة والتحكم، وفق ما جاء في بيان للشركة على صفحتها الرسمية في “فيسبوك”.

وتؤكد الدراسات أن النرويج أول من طبق هذه التكنولوجيا عام 1997 على بئر تقع في حقل “سنورة البحري”، وعلى رغم أنها لم تجد نجاحاً يذكر فإنها كانت بمثابة الثورة التي أحدث هزة علمية بتاريخ صناعة تكنولوجيا صمامات الآبار الجوفية.

ولادة الحقول الذكية

ويذكر أن ولادة تقنية الآبار الذكية كانت عام 2004 في حقول “أرامكو السعودية”، حين تم تركيبها في بئرين تجريبيتين بكل من “الغوار” و”الشيبة”، لتسهم بذلك الشركة في تطوير أجيال جديدة من تقنية الحقول الذكية.

المتخصصون في الصناعات النفطية الليبية أكدوا أن “تقنية الآبار الذكية (smart filers) ستمكن البلد من تحقيق قفزة نوعية في هذا المجال، خصوصاً فيما يتعلق بربح الوقت عبر تدفق المعلومات حول حالة مختلف الحقول النفطية، لا سيما التي تعاني مشكلات تسرب أو أعطالاً فنية، بينما رأت لجنة الأمن القومي بمجلس النواب أن “هذه التقنية فرصة للحد من مطامع دول الجوار في الثروة النفطية الليبية”.

حقول النفط

وتحتل ليبيا المرتبة الأولى أفريقياً على مستوى الاحتياطات النفطية التي بلغت 48.4 مليار برميل، وعاشر أهم احتياطي نفطي في العالم بعد أن كانت العام الماضي في الترتيب التاسع.

وتعد عائدات النفط العمود الفقري للاقتصاد الليبي والمورد المالي الرئيس للدولة، حيث توفر 97 في المئة من الدخل القومي للبلد.

وعلى رغم أن قطاع النفط حقق قفزة نوعية لم يسبق أن وصلت إليها ليبيا منذ سنة 2013، حيث تمكنت المؤسسة الوطنية للنفط بقيادة فرحات بن قدارة من إنتاج 1.2 مليون برميل يومياً أواخر العام الماضي، فإن هناك تخوفات من استغلال ورقة الذهب الأسود من جديد لتصفية الحسابات السياسية.

وهو الأمر الذي جرى بعد تنصيب حكومة فتحي باشاغا، المعين من البرلمان في 10 فبراير (شباط) 2022، حيث تم إغلاق عدد من الحقول النفطية لمدة 3 أسابيع ابتداءً من 17 من أبريل (نيسان) 2022 على خلفية رفض رئيس الحكومة الوطنية عبدالحميد الدبيبة تسليم السلطة التنفيذية لباشاغا، مما تسبب في خسارة ليبيا 60 مليون دولار يومياً جراء الإغلاق، وهو ما سيتم تفاديه مستقبلاً مع تعميم تنقية الحقول النفطية الذكية التي “ستتيح التحكم في عملية الإنتاج عن بعد”، وفق ما جاء على لسان خبير شؤون النفط والطاقة رمزي الجدي.

حقول جديدة

ووصف الجدي لـ”اندبندنت عربية” توجه ليبيا نحو التقنية الذكية بـ”الخطوة المهمة، لما تحمله في جرابها من مزايا خاصة بالنسبة للآبار النفطية البعيدة التي قد تحول بعض الظروف الجغرافية أو المناخية أو الأمنية (الاشتباكات) في التحول إليها على عين المكان”.

وأوضح المتخصص في شؤون النفط والطاقة أن “هذه التقنية ستساعد في استكشاف آبار نفطية جديدة، خصوصاً منطقة مرزق جنوب البلاد التي تعد من أهم وأكبر الأحواض النفطية التي خرج من رحمها حقل الفيل وحقل الشرارة وما زالت تعج بالآبار النفطية العذراء التي من المنتظر أن تسهم التقنية الذكية في اكتشاف عديد منها خلال الفترة المقبلة بأسرع وقت ممكن، عكس عملية الاكتشاف التقليدية التي تتطلب وقتاً طويلاً”.

وأضاف الجدي أن “هذه التقنية ستقدم فكرة شاملة عن المكمن الذي يوجد فيه الغاز والنفط ونسبة الماء والزيت عن طريق انسيابية جميع المعلومات إلى غرف التحكم الرئيسة لتحديد جودة النفط، إضافة إلى التغيرات القابلة للحصول مستقبلاً مثلما حصل في ليبيا عندما أغلقت بعض الموانئ النفطية جنوب البلد حينما حدث تغير في بعض المكامن النفطية”.

وأشار إلى أن “تقنية الحقول الذكية ستساعد المؤسسة الوطنية للنفط في سرعة الوصول إلى المشكلات الفنية والتقنية التي ترافق عادة عملية الإنتاج النفطي التي لا يتم تحديدها حالياً إلا عبر زيارات ميدانية”، مضيفاً أنه “من خلال تقنية الحقول الذكية أو المجسات التي ستوضع في بعض أو كل الآبار ستربح شركات استكشاف وإنتاج النفط الوقت والجهد والكلفة المالية، لأن هذه التقنية سترسل المعلومات الكاملة عن أسباب ومكان العطل مباشرة إلى غرف المراقبة والتحكم”.

وتوقع الجدي أن “يشهد الاقتصاد الليبي، الذي يتغذى على الشريان النفطي، نمواً وانتعاشاً خلال السنوات المقبلة على خلفية الارتفاع الذي سيشهده في الإنتاج، باعتبار أن تقنية الحقول الذكية ستسهم في اكتشاف آبار جديدة خلال مدة زمنية قصيرة، ولن تحتاج إلى شركات أجنبية لتشغيل الحقول النفطية الحدودية المشتركة مع دول الجوار، لا سيما الجزائرية منها التي استغلت الظروف الأمنية والسياسية لضم بعض الكيلومترات من قرية إيسين بمدينة غات الحدودية الغنية بالنفط إلى حدودها”.

كان رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة قد دعا إلى “ضرورة التحرك وبسرعة في عملية تطوير إنتاج الغاز، خصوصاً بالمنطقة الحدودية بين الجزائر وليبيا”.

ليبيا تحتل المرتبة الأولى أفريقيا على مستوى الاحتياطات النفطية (الموقع الرسمي لشركة سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز).

أوضح ابن قدارة، في تصريحات صحافية، أواخر الشهر الماضي، أنه “يوجد حوض غاز حدودي بين ليبيا والجزائر التي تنتج منه بشكل طبيعي، بينما ليبيا متوقفة عن استغلال حصتها منه منذ عام 2011”.

من جهته، قال عضو لجنة الأمن القومي بمجلس النواب علي التكبالي، إنه “يشد على أيادي زميلته بالبرلمان سعاد عبدالله التي دعت السلطة التنفيذية في ليبيا إلى التحرك لترسيم الحدود مع الجزائر على أثر ورود معلومات مفادها أن الجزائر ضمت عدة كيلومترات من قرية إيسين الغنية بالنفط والغاز (قرية حدودية امتزجت فيها الدماء الليبية والجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي)، والتي تقع داخل الحدود الجغرافية لمدينة مدينة غات جنوب البلد”.

وأكد عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان أن “الجزائر دأبت على هذا الفعل منذ عهد القذافي، وكانت، وما زالت، لديها أهداف توسعية لضم مدينة غات الغنية بالنفط لذلك تقوم في كل مرة بقضم جزء من التراب الليبي لصالحها”.

وأوضح التكبالي أن “التقنية الذكية ستضع حداً لمطامع الدول المجاورة في النفط والغاز الليبي، لأنها ستسرع من عملية استكشاف آبار النفط وحقول الغاز على المناطق الحدودية المشتركة من دون حاجة إلى التنقل إلى هناك”.

كما شدد على أنه على “المؤسسة الوطنية للنفط أن تعمم هذه التقنية الذكية على جميع الحقول لتطوير عملية الاستكشاف النفطي والغازي، خصوصاً منها آبار النفط والغاز التي توصلت إليه المؤسسة الوطنية للنفط عام 2014 في حوض غدامس (يتوسط ليبيا وتونس والجزائر)، والرفع من قدرته الإنتاجية”.

المصدر: إندبندنت

صفحتنا على فيس بوك  قناة التيليغرام  تويتر twitter

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى