العناوين الرئيسيةدولي

حرب المسيّرات بين روسيا وأوكرانيا

ستسهم المسيّرات في تحديد شكل الحروب المقبلة

أثبتت المسيّرات أنها ليست مجرّد أدوات استطلاع وتوجيه وخدمات لوجستية واستخباراتية، بل أصبحت الآن سلاحاً استراتيجياً قادراً  على تغيير موازين القوى في الحروب الحديثة، وتعتبر الحرب الروسية الأوكرانية أنموذجاً مثالياً لذلك، وساحة اختبار حقيقي ومفتوح لتكنولوجيا الطائرات دون طيار، ونتائج هذه الحرب ستسهم بشكل كبير في تحديد شكل الحروب لعقود مقبلة.

فمنذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، أصبحت المسيّرات (الطائرات دون طيار) أحد العناصر الأكثر تأثيراً في ميدان المعركة، ونمكنت عبر تنوع طرق وأهداف استخدامها من تغيير شكل القتال والتأثير على مسارات المعارك، حيث استخدمت في الاستطلاع، والاستهداف المباشر، وفي الهجمات الانتحارية.

وتطورت حرب المسيّرات بشكل متسارع بين البلدين وفي باقي ساحات الصراع في العالم، وأصبحت رمزاً من رموز الحرب التكنولوجية الحديثة.

أوكرانيا السباقة في استخدام المسيّرات ..

أوكرانيا كانت السباقة في استخدام المسيّرات في بداية الحرب مع روسيا، حيث استخدمت مسيرات تركية من طراز Bayraktar TB2 بشكل فعال في ضرب أهداف روسية، وأثبتت هذه الطائرات فعالية كبيرة في تدمير الدبابات وأنظمة الدفاع الجوي الروسية، مستفيدة من ضعف أنظمة التشويش في تلك المرحلة.

أما روسيا، فبدأت متأخرة باستخدام المسيّرات الأقل تطورًا في البداية، ولم تثبت المسيرات محلية الصنع فعالية كبيرة في بداية الحرب.

ومع مرور الوقت، بدأ الطرفان يشعران بأهمية وفاعلية هذا السلاح، وقررا توسيع قدراتهما في مجال المسيّرات، فبدأت روسيا باستيراد مسيّرات هجومية من إيران، مثل شاهد-136، التي استخدمتها بكثافة في الهجمات الانتحارية ضد البنية التحتية الأوكرانية، وخاصة محطات الطاقة.

في المقابل، بدأت أوكرانيا بتطوير مسيراتها محليًا، بدعم غربي تقني ولوجستي، كما استخدمت أنواعاً مختلفة من المسيّرات، بما في ذلك التجارية المعدّلة، في تنفيذ هجمات دقيقة على مواقع عسكرية داخل الأراضي الروسية.

في 2023 و2024، تحوّلت المعركة إلى حرب مسيّرات شاملة، بدأت أوكرانيا بشن هجمات بالطائرات دون طيار على عمق الأراضي الروسية، بما في ذلك موسكو، مستهدفة قواعد جوية، ومستودعات ذخيرة، وحتى مبانٍ حكومية.

روسيا من جهتها، طوّرت وسائل التشويش الإلكتروني وأنظمة الدفاع الجوي لاعتراض المسيّرات، كما ركزت على إنتاج مسيرات هجومية واستخباراتية باستخدام تقنيات محلية ومستوردة.

في العام 2025، باتت حرب المسيّرات تعتمد عوامل متعددة لتحقيق أعلى جدوى ومنها:

  • الحرب الإلكترونية: تعطيل الاتصالات والسيطرة عن بُعد على المسيّرات المعادية.
  • الذكاء الاصطناعي: تطوير مسيرات قادرة على اتخاذ قرارات ذاتية وتفادي الدفاعات الجوية.
  • الإنتاج الكثيف والرخيص: التركيز على إنتاج أعداد كبيرة من مسيرات “كاميكازي” ذات تكلفة منخفضة لكنها مدمّرة.

كما وسع الطرفان ساحات حرب المسيّرات لتصل إلى البحر عبر استخدام مسيّرات بحرية في الهجمات على الموانئ والسفن في البحر الأسود.

تكاليف حرب المسيّرات بين روسيا وأوكرانيا ..

أوكرانيا استخدمت عام 2022 مسيرات تركية من طراز Bayraktar TB2 بكفاءة، حيث بلغ عدد الطائرات التي حصلت عليها في بداية الحرب حوالي 50 مسيّرة، تكلفة المسيّرة الواحدة تتراوح بين 1 – 5 مليون دولار.

روسيا اعتمدت في البداية على مسيّرات استطلاع محلية مثل  Orlan-1، التي تبلغ كلفة الواحدة منها حوالي 100,000 – 150,000 دولار، لكن كانت فعاليتها محدودة مقارنة بالمسيّرات التركية.

بين عامي (2022–2023)، بدأت روسيا باستيراد مسيرات إيرانية من طراز Shahed-136، التي استخدمت بكثافة في هجمات على البنية التحتية الأوكرانية، وكانت التكلفة التقريبية لكل مسيّرة من هذا النوع 20,000 – 50,000 دولار، وحسب مصادر أوكرانية، أطلقت روسيا أكثر من 3,500 مسيّرة شاهد بحلول منتصف 2024.

أوكرانيا بدأت بتعديل مسيرات تجارية (مثل DJI الصينية)، وعملت على تطوير مسيرات هجومية محلية الصنع، وتم تمويل كثير من هذه الطائرات من حملات تمويل جماعي، مثل حملة “جيش المسيّرات”، حيث تم جمع أكثر من 500 مليون دولار من تبرعات داخلية وخارجية لشراء وتطوير المسيّرات.

ما بين عامي  (2023–2024)، استثمرت روسيا أكثر من 1.5 مليار دولار في إنشاء مصانع محلية لإنتاج مسيّرات هجومية، وتم تطوير طائرات مثل  Lancet ، التي أثبتت فاعليتها في ضرب الدبابات ومخازن الأسلح الأوكرانية، وبحلول عام 2024، كانت روسيا تنتج حوالي 300–500 مسيّرة هجومية شهريًا.

أما أوكرانيا فقد أطلقت مبادرة “جيش المسيّرات” بالتعاون مع شركات محلية وغربية، وأعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية عن خطط لتصنيع مليون مسيّرة انتحارية منخفضة التكلفة خلال عام 2024–2025، تكاليف هذه المسيّرات تتراوح بين 500 – 3,000 دولار للوحدة الواحدة.

في العام  (2025)، تشير التقارير الاستخباراتية الغربية إلى أن أوكرانيا شنت أكثر من 100 هجوم بالطائرات دون طيار على أهداف داخل روسيا منذ بداية 2025.

روسيا في المقابل تستخدم المسيّرات بشكل يومي تقريبًا لضرب منشآت الطاقة في أوكرانيا.

تقدر ميزانيات المسيّرات منذ بداية الحرب حتى الأن:

  • روسيا: يُقدّر أن ميزانية الطائرات بدون طيار وصلت إلى أكثر من 4 مليارات دولار منذ 2022.
  • أوكرانيا: بفضل الدعم الغربي، والاستثمار المحلي، يُقدّر أن إنفاق أوكرانيا على المسيّرات تجاوز 2 مليار دولار.

أما ميزانية أنظمة الدفاع الجوي:

  • أوكرانيا أنفقت أكثر من 1 مليار دولار على أنظمة دفاع جوي متخصصة في إسقاط المسيّرات مثل IRIS-T الألمانية وNASAMS الأميركية.
  • روسيا تستخدم منظومات مثل Pantsir-S1 وRepellent-1، لكن كثيرًا من المسيّرات الأوكرانية تخترق الدفاعات.

وفي ظل فعالية وجدوى المسيّرات في الحروب وقدرتها على تغيير مسارات المعارك وترجيح كفة القوة وتغيير الموازين فمن المتوقع أن يستمر السباق في هذا المجال جواً وبحراً، حيث يشكل الآن ساحة اختبار حقيقية للحروب المستقبلية.

 

غرفة التحرير

 

صفحتنا على فيس بوك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى