رأي

تركيا بين حلب الشام وموصل الرافدين

زيد هاشم .. 

|| Midline-news || – الوسط  ..

يجمع هاتان المدينتان العريقتان عوامل مشتركة عدة تاريخية وديمغرافية وأقتصادية وجغرافية وطبيعية
فيما يخص تركيا هما مدينتان مهمتان ولها فيهما أطماع لأسباب كثيرة وهي

1.هما قريبتان من حدودها وفيهما أغلبية سكان من مكون معروف يعمل أخونج أنقرة مهمتهم الرئيسية في مشروع الربيع العربي لصالح أمريكا وهو الأستثمار في هذا المكون لتنفيذ أجندات تخدم سياسة ومشاريع الولايات المتحدة
هاتان المدينتان هما ثقل المكون السني الأكبر في سوريا والعراق والسيطرة عليهما من قبل تركيا تجعل منهما قاعدتان كبيرتان لتنفيذ مخطط الفوضى الخلاقة الأمريكي في نشر الحروب الطائفية والعرقية في هذان البلدان المكونان من طوائف وأعراق عدة وبهذا تضمن أمريكا استمرار حالة عدم الأستقرار والتحارب وتغذية النزاعات التي تخدم سياستها في المنطقة

2.تحتضن هاتان المدينتان حلب والموصل الكثير من ابناء المكون الكردي وهما قريبتان و تشرفان على جغرافية تواجد ثقل الأكراد الرئيسي في سوريا والعراق على الحدود مع تركيا وأمتداد النفوذ التركي أليهما يقطع تواصل الكرد في هذان البلدان مع أكراد تركيا
ويجعل منهما حاميتان لتركيا من خلال عملائها وأذنابها لضرب هذا المكون لكي لا يتحرك ضد المصالح التركية

3.تقع هاتان المدينتان على الشريط الكردي الممتد من أيران فالعراق وسوريا وتركيا الى البحر المتوسط
وحلب الموصل تقتطع في جغرافيتهما هذا الشريط في مكانان حيويان من الناحية الطبيعية

4.تمثل حلب والموصل ثقل أقتصادي مهم في العراق وسوريا بسبب كثرة المصانع وعدد السكان الكبير فيهما ولاسيما حلب حيث تعتبر صين العرب ومعمل الشرق الأوسط للصناعة الخفيفة
وضربهما يؤثر على أقتصاد البلدين بشكل كبير لصالح الأنتاج والبضائع التركية لذلك نرى تدمير معامل حلب وتفكيكها وسرقتها وبيعها للأتراك

5.هاتان المدينتان موغلتان في القدم وتعتبران من كنوز التاريخ للمنطقة ككل وتدميرهما يراد منه مسح التراث الثقافي العريق لصالح الصهاينة وعملائهم العثمانين الجدد حيث يريدون شعوب من دون موروث تاريخي وحضاري

6.الحكومتان الشرعيتان في سوريا والعراق يقفان بوجه الأطماع التركية الأستعمارية وتنفيذ سياسات ومشاريع تخدم الأمبريالية العالمية لذلك تعتبر حلب والموصل مهمتان لتركيا لجعلهما رأس حربة في تآمرها على البلدين من خلال داعش والحر ولاحقا التواجد المباشر بعد فشل الوكلاء

الدفاع المستميت للجيش العربي السوري والصمود الأسطوري في مواجهة التآمر وثبات القيادة الوطنية على نهجها المقاوم مع دخول الحلفاء الروس على خط الأزمة بقوة وبشكل مباشر ساهم في أفشال مخططات الأعداء و ردعهم ولم يتمكن الترك من السيطرة على حلب ومن ورائهم القوى الأستعماريةالعالمية

بل تم شق حلفهم من قبل الحليف الروسي والأيراني بتقديم مغريات أقتصادية وأمنية للأتراك تتعلق بالملف الكردي من خلال عملية عسكرية تركيا بالتنسيق مع دمشق من خلال روسيا لضرب التحالف الأمريكي الكردي في سوريا بسبب خطره على أنقرة ودمشق أنه تلاقي المصالح الذي يسير الدول
مقابل الأغلاق التدريجي للحدود وايقاف دعم الجماعات المسلحة وهذا ما بتنا نشهده من خلال الضعف العام والتشظي في بنية الجسم المسلح بشكل عام وأنهيارها في ارياف دمشق وحلب
سيساهم هذا بعودة الكرد السوريين ألى دمشق وتسابق مع الأتراك تجاه سورية التي ستصبح لاعب مهم في ملفات كثيرة ومنها الملف الكردي
بعد الأنتصار العسكري في الميدان السوري للجيش سارع الأتراك للتصالح مع روسيا القوة العظمة الحليفة لدمشق من أجل فتح أبواب وقنوات للتواصل مع دمشق تمثل في زيارة سلطان الأخونج لموسكو والأعتذار للقيصر ثم زيارة وفد عسكري روسي لتركيا لرسم التفاهمات بناءا على المتغيرات العسكرية التي تصب في مجملها لصالح سوريا الأسد

السياسة هي فن الممكن وهي فوق المشاعر لكن ضمن ضوابط خصوصا مع تركيا بعد ما فعلته مع سوريا وعموم العرب والتقارب نتيجة المصالح الحالية لا يعني عودة الأمور لطبيعتها أنما هي مرحلة تفاهم مؤقتة تساهم في التسريع بأنهاء الأزمة السورية وتحقيق مصلحة ملحة مقابل مرعاة المصالح التركية ضمن المصالح المشتركة الغانة وليس على حساب سوريا وهذا ما ستثبته الأيام القادمة

حلب أصبحت تقريبا خارج حسابات الحلف الأمريكي بسبب التقدم الكبير للجيش السوري فيها والحديث الآن عن أخراج المسلحين بالتسوية أو حسم حلب عسكريا
وهذا ما نشهده من خلال الحراك الدبلوماسي للدول المعنية في التآمر على سوريا في مفاوضاتها مع الطرف الروسي الممثل لسوريا

أما الموصل فقد تفاهمات تركيا مع أمريكا بموضوع تدخلها العسكري وتفاصيله لأن أمريكا تتمتع بنفوذ سياسي وعسكري كبير في العراق من خلال حلفها الجوي وتواجدها في قواعد عسكريا كبرى في العراق
والعلاقة الجيدة مع الحكومة العراقية

أهمية الموصل لتركيا تتمثل بقطع تواصل أكراد العراق مع سوريا للأسباب التالية
1.هي قريبة من كركوك الغنية بالنفط حيث المكون التركماني أضافة لأشرافها على أقليم كردستان العراق

2.قربها وتداخلها من محافظة ادهوك العراقية الكردية الحدود ية مع تركيا
حيث جبال قنديل المعقل الرئيسي لحزب العمال الكردستاني ومعسكراته والتي يتنقل منها مقاتلوه (الكريلا) الى سوريا والعراق وتركيا
اضافة لوجود معابر غير رسمية كمعبر نهر دجلة( العلاقات) و(سيمالكا) والذي يسيطر عليهما من جهة الحدود السورية حزب الاتحاد الديمقراطي فرع حزب العمال الكردستاني التركي في سوريا

3.الموصل فيها معبر ربيعة الحدودي الرسمي والذي يربطها من خلال معبر اليعربية مع محافظة الحسكة السورية والتي يسيطر عليها قوات ypg الكردية
الموصل تطل من خلال جبال سنجار التي تحتضن الطائفة الأيزيدية على أكراد سوريا في القامشلي ومن بعدها كوباني وعفرين حيث وحدات حماية الشعب الكردية الموالية لحزب العمال الكردستاني التركي والذي يشكل خطر على الأمن القومي التركي

4.موقع الموصل الجغرافي الذي يحد محافظات كركوك وصلاح الدين والأنبار حيث المكون السني الذي يسيطر على قراره الى حد كبير الحزب الأسلامي الأخونجي التابع لتركيا بقيادة طارق الهاشمي وسليم الجبوري والنجيفي وغيرهم من الشخصيات القيادية في هذا الحزب
وبهذا تجعل تركيا من الموصل عاصمة لهذا التنظيم داخل العراق تحميه وترعاه وتقويه ليحقق مصالحها ويخدم أهدافها بعد أن أنهار الأخوان في سوريا و مصر وليبيا وتونس واليمن

في النهاية تركيا تدخل ألى الرمال المتحركة في العراق وسوريا
وأردوغان بسياسته الحمقاء المجنونة التي يتبناها في الداخل والخارج
سيجعل من تركيا ساحة للصراع بين المحورين العالميين
ويضيف ألى مشاكلها الكثيرة والمعقدة مشاكل آخرى كبيرة ستكون ذات مردود سلبي
أنه يدخل تركيا في حقول من الألغام التي ستنفجر في وجه المصالح التركية لتنتقل الى داخل هذه الدولة المليئة بالتوترات والتي ستدفع ثمن كبير جدا للمشاكل المركبة التي تعاني منها

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى