بلا مقص الرَّقيب .. تحالفٌ نُخْبَوي يَستَغِلُّ انشغالَ الجيش ليُحكم قبضتَه على البلاد
قمر الزمان علوش ..
خاص -|| Midline-news || – الوسط ..
( 1 ) .. منذ بدأت الكتابة في الصحافة الوطنية أواسط السبعينات من القرن الماضي , وقلمي ( واقلام جميع صحفيين وكتاب ذاك الزمن ) كان أسير مقص رقابي يدعى ” هذا ليس وقته الآن ” .
الفساد مثلا” .. يقولون لك اكتب ماتشاء عن الفساد ، ولكن لاتذكر اسماء ، الاسماء خط احمر ، وكنا نكتب عن الفساد بالعموميات فكنا كالجائع الذي يأكل في منامه ،
آخر مقال كتبته ولم ينشر كان في الشهر السادس للاحداث ، وكان مقالا لزاويتي الاسبوعية في جريدة الوطن السورية المستقلة ، قلت فيه : ” هذه الثورة الحمقاء ستأخذنا على طريق لاينتظرنا فيها سوى سواطير الاسلاميين المتشددين ” ، اعتذرت ادارة الصحيفة عن نشر المقال وكانت الذريعة ” هذا ليس وقته الآن ” ، ومن حينها توقفت عن الكتابة .
أنظر حولي الآن لأرى ماالذي حدث ؟ في أواسط السبعينات كانت ” أهدافنا ” تحرير فلسطين والجولان .. والآن بتنا نبحث عن تحرير الرقة ودير الزور ، كانت هناك نخبة متنمرة فاسدة قليلة العدد .. الآن اصبحنا امام مجتمع بكامله يلتهمه الفساد كالسرطان .
من سيبقى حيا من السوريين بعد الحرب ليتذكر .. سوف تطفو على سطح ذاكرته مشاهد الذبح وتقطيع الجثث بسواطير التكفيريين فوق كل ماعداها من صور وذكريات .
السؤال الآن : هل ياترى هناك علاقة ما بين مقص الرقيب ذاك وبين هذه النهايات الحزينة ؟ هل حدث خطأ في التوقيت ؟ أم أن تواطؤاً ما قد حدث ؟
( 2 ) .. في هذا الموقع لايوجد مقص رقيب ، ولذلك سأسارع الى القول .. السوريون اليوم يمرون بخدعة كبرى ماكرة ستبدد آمالهم وتزيد من آلامهم فيما بعد ، هذا ليس حدسا او تكهنا أوخيالا .. بل رؤية تلمع في وضح النهار لكل ذي عينين ، دسيسة تحوك خيوطها نخبة المال والسيطرة يتقاسمون خلالها البقرة الذبيحة بعد ان تقاسموها عندما كانت سمينة وحلابة ذات يوم .
تذكرون أمثولة ” أخياركم في الجاهلية أخياركم في الاسلام ..” ، هذا مايتكرر حدوثه اليوم ، تحالف نخبوي يستغل انشغال الجيش الوطني بمعاركه الطاحنة ويحكم قبضته على البلاد ، يدعكم تهيمون حبا بالوطن شعراً وموسيقى ، تتشاجرون موالاة ومعارضة ، تتوهمون الحريات والديموقراطية ، تفشون خلقكم بوزير فاسد ، تلهون بمساحة حرية تشعركم بأنكم اصبحتم سادة أنفسكم ، تغوصون في الهم المعيشي لقبولهم منقذين ، وهم في غرفهم المغلقة يخططون لتقاسم ثروات الاعمار وتثبيت ملكيتهم للأراضي والمباني والبشر .
هؤلاء هم من يديرون البلاد من خلف الستار واحيانا من أمامه ، يقبضون بالكلابات على كل مفاصل الدولة والمجتمع .. والحكومات .. ومجالس الشعب والمحافظون والمدراء والاحزاب والنقابات .. كلها ليست سوى أطياف أو أدوات .
أصحاب الامتيازات هؤلاء لاينتظرون النصر حبا بالنصر .. بل ليسبقوا الجنود المضحين والشهداء الى منابر الخطابة مزهوين بالانتصار .
نحن سننتظر النصر .. حتى لو لم ينلنا منه سوى الخيبة .