رأي

بخور محرقة الصحافة وبخارها .. بشار جرار – واشنطن ..

|| Midline-news || – الوسط …

 

في الصحف الأمريكية كما في معظمها في العالم، ثمة زاوية يمنّ عليها الناشر وأحيانا برضى رئيس التحرير وإن كان على مضض، يمنّ على القراء بزاوية تكرس لتعليقاتهم على ما ورد فيها من أخبار أو آراء. يحرص رئيس التحرير أكثر من الناشر على أن تكون في معظمها استحسان، وقليلا من الاستهجان، وقليلا جدا من الاستنكار! ذلك لأن المراد في نهاية المطاف هو الرضى الذي يترجم أموالاً تمد الصحيفة أو القناة أو الموقع بأسباب الحياة.

سِقتُ هذه المقدمة لأبرر ما أن بصدده رغم ثقتي المسبقة والمطلقة برحابة صدر أخي طارق عجيب، شاكراً الأخوة الأفاضل الذين عرفوني به عبر الأطلسي وقد كنا في بلادنا الأصلية على مسافة ساعتي سفر براً.

منذ أسابيع قرأت منشورا للأستاذ طارق يعلن فيه انسحابه من عالم الفضائيات .

من قال إن القرار شخصي يا صديقي؟، هو لا شك كذلك، فيما يخص حرية الاختيار والقرار، لكننا كمشاهدين وكزملاء مهنة ورفاق همّ وحلم، في الهم شرق يا محترم.

الصوت المحترم والحضور المحترم مسألة لا تَرفَ فيها في عالمنا المحتضر هذا .

واجب الحضور واجب عندما نكون في زمن “إيميلات هيلاري”.

هذه المهنة ما عادت للأسف صاحبة الجلالة ولا السلطة الرابعة، فقد تعرضت كسابقاتها للاستباحة.

من قال إن الكلمة تتغير من أي منبر انطلقت .

الوزير والنائب والقاضي والصحفي واحد، هم كما الأنبياء، فيهم الكثير الكثير من “الأنبياء الكذبة” الذين حذرنا منهم “الراعي الصالح” – السيد المسيح.

سمات المعرفة، البساطة، العفوية، الصدق والشجاعة ليست بالمتوفرة سوى للقلة القليلة من المبتلين في هذه النعمة -النقمة. فالإعلام المرئي على نحو خاص، خاطف للأضواء استعصى على فلاتر ومحسنات الصوت والصورة بأنواعها.

بريق شاشات وغرافيكس محطات الدنيا لن تقوم لها قائمة ما دامت رخيصة مبتذلة، أو مجرمة مأجورة، والدليل المئة مليون دولار التي ظنت فيها وزيرة خارجية الرئيس الأمريكي السابق باراك حسين أوباما بأنها قادرة على توفير منبر لتنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي في حلة جديدة لا بأس فيها من اعتماد لغة السوق وأدواته التجميلية.

فساد الليبرالية المتطرفة في الحزب الديموقراطي الأمريكي حزب قادة بحجم توماس ويدرو ويلسون وإف دي آر (فرانكلين روزفلت) وجيه إف كينيدي سخطته هيلاري كلينتون لمستوى التآمر مع خيرت الشاطر أمير الظلام في امبراطورية أوهام المرشد المصري “البديع” في زمن صاحب مقولة “درينكينغ آند درايفينغ دونت ميكس”، سي مرسي!

عُد صديقي، فقد صار كل من هب ودب “يعبي الهوا”!

تناهى إلى مسمعي وصول البعض – مع الاحترام لمستحقيه – إلى مستوى سؤال الضيف المستدعى للمتصل: الجمهور عاوز إيه؟، صارت مهنة ما يطلبه الممول وليس الجمهور.

والممول الخفي غالباً ما يستتر في عواصم الاغتراب ظنهم أنهم يستطيعون خداع كل الناس كل الوقت.

العتب كل العتب على إعلام بلادنا الوطني الذين يتعامل بتوجس مع المغترب ويحلو في عينيه “الفرنجي البرنجي” أو مواطني الجوار لا الدار!

الصحافة وبخاصة التلفزيون في زمن فضائيات الأربع وعشرين ساعة، صار بحق محرقة .

وككل محارق الدنيا، إما بخوراً وإما بخاراً .

البخار يطير ويتلاشى وقابل للتكثيف والاستمطار ما دام الاستعمار والاستحمار مستمرين .

أما البخور فطيبٌ من طيب، خُلقَ لينثرَ عطراً حتى لو أحرقوه وحرّقوه ..

*كاتب ومحلل سياسي – مدرب مع برنامج الدبلوماسية العامة في الخارجية الأميركية ..
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى