انتعاش الدولار الأمريكي يقلق المستثمرين

يترقب المستثمرون الذين يعانون من التقلبات الأخيرة في الأسواق المالية العالمية مصدر قلق محتمل آخر بسبب انتعاش الدولار.
فقد ارتفع الدولار بنسبة 4% تقريباً من أدنى مستوياته الأخيرة ويقف بالقرب من أعلى مستوى له في 7 أسابيع مقابل مجموعة من العملات الرئيسة الأخرى مدفوعاً بالرهانات على أن الاحتياطي الفيدرالي سيحتاج إلى رفع أسعار الفائدة أعلى مما توقعه العديد من المستثمرين سابقا لتهدئة التضخم.
ولا تزال العملة الأمريكية أقل بنحو 8% من أعلى مستوى لها في 20 عاماً حققته العام الماضي مع ذلك فقد أدى انتعاشه إلى جانب ارتفاع عوائد سندات الخزانة إلى تعقيد التوقعات بالفعل لمجموعة من الصفقات التي ازدهرت مع تراجع الدولار في النصف الأخير من 2022.
ونلاحظ انخفاض مؤشر “إم. إس. سي. آي” لأسهم الأسواق الناشئة 8% من أعلى مستوياته في يناير (كانون الثاني) بينما انخفض مؤشر “إم. إس. سي. آي” لعملات الأسواق الناشئة بنسبة 3%عن أعلى مستوى له في أوائل فبراير (شباط) الماضي.
كما توقف الارتفاع في الأسهم الأوروبية مع استقرار مؤشر “ستوكس أوروبا 600” تقريباً خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بعد ارتفاعه بنحو 20% منذ أواخر سبتمبر في غضون ذلك يتم تداول الذهب بشكل ثابت على مدار العام.
من جهته قال لورين جودوين الخبير الاقتصادي واستراتيجي في محفظة نيويورك لايف إنفستمنتس: الدولار القوي يطرح مشكلة للأصول الخطرة وبسبب الدور المركزي للدولار في النظام المالي العالمي فإن تقلباته لها تداعيات واسعة النطاق.
كما قال بنك التسويات الدولية في تقرير في نوفمبر (تشرين الثاني): إن الدولار القوي يميل إلى تشديد الأوضاع المالية العالمية مع تقليل الشهية للمخاطرة وإضعاف التجارة العالمية.
كما أنه يجعل الأمر أكثر صعوبة على البلدان التي اقترضت بالعملة الأمريكية لخدمة ديونها وهي مشكلة غالباً ما تشعر بها اقتصادات الأسواق الناشئة بشدة.
من جانبه قال إريك ليف كبير مسؤولي الاستثمار في شركة بيلارد لإدارة الثروات والاستثمار الرياح العكسية وراء العملات الأجنبية من بنك الاحتياطي الفيدرالي الأكثر تشاؤماً غير مطروحة بشكل عام كما أن ارتفاع الدولار يجعل النفط الخام والذهب والسلع الأخرى المقومة بالدولار أكثر تكلفة للمشترين الأجانب.
في هذا الجانب كتب المحللون في “يو بي إس جلوبال ويلث مانجمنت” في أواخر فبراير (شباط) أن جزءاً من الانخفاض بنسبة 2% منذ بداية العام حتى تاريخه في خام برنت يعود إلى انتعاش الدولار.
ويتوقعون أن يؤدي إعادة فتح الصين وتعطل الإمدادات الروسية إلى تجاوز تأثير العملة الأمريكية وتعزيز النفط في وقت لاحق من العام.
إن قوة الدولار تجعل الصادرات بالنسبة إلى الولايات المتحدة أقل تنافسية مع التأثير في الدخل الصافي للشركات متعددة الجنسيات من خلال جعل تحويل الأرباح الأجنبية إلى عملتها الخاصة أكثر تكلفة بالنسبة لها.
وقد كتب محللو مورجان ستانلي بقيادة كبير استراتيجيي الأسهم الأمريكية مايكل ويلسون أمس لاثنين أن اتجاهات الدولار يمكن أن تكون عاملا رئيسا لمسار الأسهم الأمريكية على المدى القريب مستشهدين بعلاقة العملة بظروف السيولة العالمية. حيث انخفض مؤشر “إس. آند. بي. 500” بنسبة 5% تقريباً عن أعلى مستوياته الأخيرة ويتمسك بمكاسب بلغت 3.6% منذ بداية العام حتى الآن.
وأضافوا: إذا استمرت أسعار الفائدة والدولار الأمريكي في الارتفاع فإننا نعتقد أن مستويات الدعم الرئيسة هذه للأسهم ستنهار سريعا مع استئناف (السوق) الهابطة بقوة أكبر.
وسيعتمد ما إذا كان الدولار سيواصل انتعاشه جزئياً على تصورات المستثمرين لمدى الارتفاع الذي سيحتاجه الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة.
قد تأتي بعض الأفكار حول تفكير صانعي السياسة وقوة الاقتصاد الأسبوع المقبل حيث يقدم رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول شهادته نصف السنوية عن السياسة النقدية أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ وتقارير الولايات المتحدة عن بيانات التوظيف لشهر فبراير.
وهنا يعتقد كولين غراهام رئيس الحلول متعددة الأصول في شركة إدارة الأصول روبيكو أنه من غير المرجح أن ينتعش الدولار أكثر من ذلك بكثير مشيراً إلى أنه من المحتمل أن يبدأ الراهن ضد العملة الأمريكية إذا ارتفع مؤشر الدولار إلى 106 من مستواه الحالي البالغ 104.
وقال: إن الانتقال إلى المستوى 114 أعلى مستوى منذ سبتمبر (أيلول) سيحثه على التخلي عن وجهة نظره الصعودية بشأن الأسواق الناشئة.
وتقول تشك إميلي ليفيل مديرة المحفظة في “ثورنبيرج إنفستمنت مانجمنت” في استمرار انتعاش الدولار وتنظر إلى أي ضعف في الأسواق الناشئة على أنه فرصة للشراء: ضعف العملات في الأسواق الناشئة يمكن أن يكون وقتاً مناسباً للدخول وبناء مراكز في الشركات عالية الجودة.
من ناحية أخرى يعتقد المحللون في “كابيتال إيكونوميكس” أن التباطؤ المتوقع في النمو العالمي وتراجع الرغبة في المخاطرة سيدفع المستثمرين إلى الإقبال على الدولار حيث إنه وجهة شائعة في أوقات عدم اليقين ويدفع العملة إلى أعلى مستوياتها في وقت لاحق من هذا العام.
وقالوا: نتوقع أن تتدهور معنويات المخاطرة وسط هذه الخلفية العالمية الضعيفة والطلب على “الملاذ الآمن” لدفع الدولار للأعلى خلال الربعين المقبلين.
المصدر: الاقتصادية
صفحتنا على فيس بوك – قناة التيليغرام – تويتر twitter