تأتي الموجة الإستيطانية الأخيرة التي وافق عليها المجلس الوزراي المصغر (الكابينت)، في الأيام الماضية إمتداداً لسياسة الإستيطان التي قامت عليها دولة إسرائيل. فالإستيطان الذي جاء هذه المرة على شاكلة بناء ٨٠٠ وحدة في مستوطنة «معاليه أدوميم» القريبة من القدس، وفي أحيائها «راموت» و«جيلو» و«هار حوما»، هو هدف إسرائيلي بحد ذاته، وجزء من إستراتيجية أوسع من جهة أخرى.
الإستيطان هو هدف حكومة العدو، لكونه جوهر الحركة الصهيونية الذي يقوم على جمع يهود العالم ضمن وطن قومي قائم على أرض فلسطين. وجرى ويجري ذلك بشكل تدريجي وبما يتلاءم مع الظروف السياسية. وتمثّل الوحدات الإستيطانية ترجمة لإستراتيجية ترمي إلى بلورة البنية التحتية لتوسيع سيطرة الدولة وتثبيت الوضع القائم في الضفة.
مع ذلك، ما تقدّم ينطبق على كل مراحل الإستيطان، ويصلح ليكون إطاراً جامعاً يفسر حاضر الإستيطان ومستقبله. وعلى قاعدة أن الرد الناجح هو الرد الهادف والمدروس الذي يخدم الأولويات التي يتبناها أي طرف، تعتمد إسرائيل سياسة الموجات الإستيطانية كرد على العمليات التي ينفذها الفلسطينيون ضد الإحتلال.
من جهة اخرى، تمثل الموجات الإستيطانية رسالة إلى الطرف الفلسطيني بأن المزيد من العمليات يعني المزيد من الإستيطان، وبالتالي توسيع نطاق تهويد الأرض. وبمعادلة الربح والخسارة، يريد العدو الإيحاء بأن نتائج النهج المقاوم سترتب المزيد من التكلفة على الشعب الفلسطيني، بدلاً من أن يكون مصدر تهديد تعمل «الدولة» إلى تحويله إلى منبع لفرص إستيطانية. ويتجاوز العدو بذلك التمييز بين النتائج الفورية لأي عمل التي قد تتداخل فيها الأثمان والجدوى، وأهدافه البعيدة المدى. وينطبق هذا المفهوم على كافة أشكال المقاومة في كل الساحات.