رأي

مبارزة في سماء دمشق !.. عصام داري ..

قرأت تحليلاً سياسياً يقول:إن المواجهة المتوقعة بين روسيا والولايات المتحدة لن تكون على الساحة الأوكرانية، ولا على الساحة الأوربية، وإنما في سورية، وأن مبارزة من نوع خاص ستكون سماء دمشق مسرحها الرئيسي.

المقصود ليس مواجهة عسكرية بالطائرات والقاذفات في سماء العاصمة السورية، وإنما خلق صعوبات ومشاكل لروسيا في سورية حيث يوجد في الشمال الشرقي من سورية موطئ قدم للقوات الأمريكية، وبشكل خاص في المناطق الغنية بالنفط والغاز، مع وجود عسكري روسي في غرب البلاد وبشكل خاص في قاعدة حميميم الجوية وميناء طرطوس.

قد لا تكون هذه المبارزة مباشرة كي لا تجر إلى مواجهة قد تتطور إلى ما لا يحمد عقباه، وإنما عبر تحريك أحجار على رقعة شطرنج المنطقة المتوترة أصلاً، كأن تتحرك ميليشيا قوات سورية الديمقراطية (قسد) وتفتعل العديد من البؤر المتفجرة داخل الجغرافيا السورية، وربما تتوسع هذه المبارزة بدفع تركيا لتلعب دور المحرك لأحداث واشتباكات واحتلالات جديدة.

يأتي كل ذلك في الوقت الذي لم تستطع الإدارة الأمريكية وقف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وإعلان الكثير من الشخصيات السياسية والعسكرية الأمريكية أن الولايات المتحدة خسرت أوراقها في شرق القارة الأوربية، وفشلت في احتواء الهجوم الروسي والتصدي له، واكتفت بإغداق الأسلحة على نظام أوكرانيا، تلك الأسلحة التي اصطادت روسيا معظمها قبل أن تصل للمستودعات أو جبهات القتال.

وبعد الشائعات التي تحدثت عن انسحاب القوات الروسية الموجودة في سورية وتسليم مواقعها للميليشيات الإيرانية وقوات الجيش السوري، بدأت بعض المعلومات تتحدث عن خطة تركية لتوسيع احتلالها لأجزاء من ريف الرقة شمال شرق سورية مع كل ما يحمله ذلك من خلط للأوراق وخلق حالة إرباك للقوات الروسية التي تتحرك في ريف الرقة وريف حلب الأمر الذي قد يشتت الجهد الروسي في سورية، ويمثل أيضاً تشويشاً على الجيش الروسي الذي يقاتل في أوكرانيا.

لكن المعلومات التي تحدثت عن لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين من شأنها تأجيل الحكم على كل تلك الأخبار والتسريبات حول مبارزة روسية أمريكية في سماء دمشق، أو على الساحة السورية.

لا شك أن الجسر الجوي لنقل الأسلحة من الولايات المتحدة وأوربا الغربية إلى أوكرانيا لم يعط أي نتيجة عملية على الأرض، بل وجعل أوربا تدفع الثمن قبل الولايات المتحدة، وهذا يدفع بالإدارة الأمريكية لتبحث عن خيارات جديدة لتعويض خسائرها، والتغطية على فشلها، لكن هذه الخيارات الجديدة بدورها لا تحمل أي احتمال للفوز أو تسجيل نقطة لصالح الطرف الخاسر.

كل ما في الأمر أن المتحاربين المتخاصمين نقلوا معاركهم وحروبهم الصغيرة إلى الساحة السورية التي لا ينقصها الحروب والصراعات والدمار، فإلى متى على سورية والسوريين دفع فاتورة حروب الآخرين؟.

*كاتب سياسي – سوريا

المقال يعبر عن رأي الكاتب ..

 

صفحتنا على فيس بوك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى