المستثمرون يهربون من البنوك الأمريكية نحو أسهم شركات التكنولوجيا

أدت أزمة إفلاس ثلاثة بنوك أميركية وتزايد المخاطر في القطاع المصرفي إلى نشوء اتجاه استثماري جديد في “وول ستريت” حيث اتجه المستثمرون نحو شراء أسهم شركات التكنولوجيا الأميركية الضخمة، وخصوصاً التكنولوجية منها التي قادت لسنوات صعود الأسواق.
وكسبت أسهم أكبر خمس شركات من شركات التكنولوجيا من حيث القيمة السوقية وهي “أبل” و”مايكروسوفت” و”أمازون” و”نيفيديا” بين 4.5 و12 في المئة منذ الثامن من مارس/ آذار الماضي، حسب بيانات “رويترز”، عندما بدأت مشاكلات بنك “سيليكون فالي” الذي أثار إفلاسه زوبعة من الخوف في النظام المصرفي.
هروب من البنوك..
بدأ المستثمرون الهروب من البنوك الأميركية خوفاً من تأثير العدوى وانتقال أزمة السيولة إليها بعد أن ضربت بنك “سيليكون فالي“، ولعبت عوامل عدة في التوجه نحو شركات التكنولوجيا، حيث كشفت نتائج العام الماضي عن ميزانياتها العمومية التي ما زالت قوية كما أنها تتمتع بهامش ربح مرتفع.
ومن المتوقع أن تصمد نماذج أعمالها أمام احتمالات الركود الذي يلوح في الأفق بسبب أزمة البنوك وإصرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي على مواصلة رفع الفوائد لمحاربة التضخم.
عوائد جيدة..
كما أن أسهم هذه الشركات التكنولوجية الكبرى باتت تعمل مثل السندات من حيث عائدها المرتفع، فقد أدى تراجع أسعارها العام الماضي وحتى الآن إلى ارتفاع عوائدها، خصوصاً مع الانخفاض الأخير في عائدات السندات الأميركية.
وكان ارتفاع عائدات السندات بشكل قوي العام الماضي متأثراً بصعود الفائدة، أدى تلقائياً إلى انخفاض أسعار أسهم الشركات التكنولوجية الكبرى، حيث كان المستثمرون يبيعون هذه الأسهم ويتجهون نحو السندات ذات العائد الأعلى والثابت.. لكن الآن تغيرت حيث بات أفق الفائدة لنهاية 2023 متوقعاً تقريباً مع إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي لتوقعاته للفائدة لهذه السنة عند 5.1 في المئة، ما يعني أن هناك زيادة واحدة تنتظر الأسواق لهذه السنة بربع نقطة مئوية (أو 0.25 في المئة).
أسهم التكنولوجيا.. مخاطر من تقلبات الأسواق
وقادت شركات التكنولوجيا الكبرى البورصات الأميركية في العقد الذي أعقب الأزمة المالية، كما أدت إلى انتعاش “وول ستريت” القوي بعد عمليات البيع أوائل عام 2020 التي أججتها جائحة كورونا، لكنها بدأت في التراجع خلال العام الماضي عندما بدأ “الفيدرالي” رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم الأعلى منذ 40 عاماً، لكن تظل قوة الشركات التكنولوجية تحمل بعض المخاطر، حيث يمكن أن تؤدي التقلبات في الأسواق وتغير ظروفها إلى خروج سريع للمستثمرين من شركات التكنولوجيا وأسهم النمو عموماً، خصوصاً إذا تراجعت المخاوف من قطاع المصارف.
ومازال مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” الذي يقيس أكبر 500 شركة أميركية متراجعاً بأكثر من 5 في المئة منذ مارس (آذار)، وهو ما يؤشر إلى الضغوط من القطاع المصرفي على المؤشر الذي يعتبر معيارياً لقراءة أداء الاقتصاد الأميركي.
أسبوع من التقلبات..
ويستعد المستثمرون إلى مزيد من التقلبات في القطاع المصرفي الأسبوع المقبل بعد الانخفاضات الحادة في أسهم العملاقين الأوروبيين “دويتشه بنك” و”يو بي إس” أول أمس الجمعة في أعقاب انهيار بنك “كريدي سويس” الذي اضطر السلطات السويسرية إلى التدخل لدمجه قسرياً مع “يو بي إس”.
وقد تؤثر البيانات الأميركية المرتقبة بشأن ثقة المستهلك والتضخم بالأسواق أيضاً في اتجاهات الأسواق، ما يعني إن أي مؤشرات على زيادة في التضخم تعني ارتفاعاً أكبر في الفائدة خلال الفترة المقبلة.
وكانت “وول ستريت” أغلقت أسبوعاً متقلباً حيث مؤشر “ستاندرد آند بورز” على ارتفاع بنسبة 1.4 في المئة تقريباً 3970 نقطة، بينما صعد مؤشر داو جونز الصناعي 1.1 في المئة إلى 32237 نقطة، في وقت زاد فيه مؤشر ناسداك المجمع 1.8 في المئة متأثراً بارتفاعات أسهم التكنولوجيا.
ولعبت تصريحات الحكومة الأميركية وبعض رؤساء البنوك الفيدرالية دوراً في تهدئة مخاوف “وول ستريت”، حيث قال ثلاثة من رؤساء البنوك الفيدرالية الإقليمية إن ثقتهم في أن النظام المصرفي لا يواجه أزمة سيولة هو ما أدى إلى قرار تنفيذ سياسة رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الأربعاء الماضي.
المصدر: إندبندنت