العناوين الرئيسيةمنوعات

الكوميندانتي “تشيه” غيفارا ..الطبيب الذي أصبح أيقونة ثورية

|| Midline-news || – الوسط …
“أعلم أنك جئت لقتلى يا جان، ولكن إعلم أنك لن تقتل سوى رجل أعزل”، قالها غيفارا قبل أن تنطلق 9 رصاصات تخترق جسده على يد القوات البوليفية فى التاسع من أكتوبر/تشرين الأول عام 1967، ليرحل الرفيق أو التشيه، كما اشتهر أثناء الثورة الكوبية، عن العالم وتبقى عبارته الأخيرة كغيرها من عباراته الشهيرة وإرثه الثقافي والمعرفي، بجانب سنوات من النضال حولته إلى رمز للثورات فى العالم.
لم يكن المناضل الثوري تشيه غيفارا، يتوقع أن تكون نهايته، بهذه الدرجة المأساوية، بعدما قضى حياته البسيطة والقصيرة فى النضال والدفاع عن حقوق البسطاء يقود الثورة ضد المستبدين.
ففي السابع من تشرين الأول من عام 1967، وفي إحدى الوديان الضيقة، هاجمت قوات الجيش البوليفي المكونة من 1500 فرداً، مجموعة غيفارا وعددها 16 رجلاً، ودارت معركة بين الطرفين دامت 6 ساعات، سقط فيها جميع رجال غيفارا، وتم القبض عليه بعد أن فرغ مسدسه تماماً، ولم يكن معه أية أسلحة أخرى.

ولد” إرنستو ( تشيه) غيفارا” في الأرجنتين لعائلة من الطّبقة المتوسطة في 14 حزيران/يونيو 1928م، كان والده ذا أصولٍ إيرلنديّة، وأم ذات أصول إسبانيّة. وقد أصيب غيفارا في صغره بالرّبو،وبسبب ذلك لم يلتحق بالتجنيد العسكري واستمرّ معه هذا المرض طوال حياته.سافر غيفارا عندما كان طالبا فى كلية الطب فى جامعة بوينس آيرس التى تخرج منها عام 1953، إلى جميع أنحاء أمريكا اللاتينية مع صديقه ألبيرتو غرانادو على متن دراجة نارية، وهو فى السنة الأخيرة من الكلية، وكوَّنت تلك الرحلة شخصيته وإحساسه بوحدة أمريكا الجنوبية، والظلم الكبير الواقع من الإمبرياليين على المُزارع اللاتيني البسيط، وتغير بعد رؤيته للفقر المتوطن هناك.كان لغيفارا العديد من المشاركات في الثّورات ضد الاستعمار والظّلم، فشارك في مقاومة الانقلاب العسكري في غواتيمالا في عام 1954، ومن بعدها انتقل لملاقاة الثوار الكوبيين المنفيين في المكسيك، ثمَّ التحق بالثّورة الكوبية، حيث حاول تطبيق نظريته التي تتحدث عن انبعاث الثورات من الأرياف والجبال حتى تصل في النهاية إلى المدن.

استطاع غيفارا تحقيق العديد من الانتصارات في كوبا برفقة فيدل كاسترو، واستمرَّت حرب العصابات التي خاضاها لمدة سنتين، نتج عنها دخول الثوار إلى هافانا – العاصمة الكوبيّة – عام 1959، وتمَّ إسقاط الحكم العسكري فيها بقيادة فولغينسيو باتيستا.

ساند غيفارا الثورات والحركات التحريرية في كل من فيتنام والجزائر وتشيلي، وحاول إقامة مجموعات ثوريّة في الكونغو، إلا أنه لم ينجح في ذلك، وكان مثلاً أعلى لثوار السلفادور، وغالبية شعوب العالم المناهضة للظلم.

عهد إليه فيدل كاسترو مجموعة من المناصب الحكومية المهمة، فكان رئيساً للبنك المركزي، ومنظماً للميليشيات العسكرية الثورية، ومسؤولاً عن التخطيط، ووزيراً للصناعة، وكذلك مندوباً لكوبا لدى الهيئات الدولية الكبرى.

وضع غيفارا من خلال المناصب التي شغلها نظاماً اقتصادياً جديداً لكوبا، وذلك حتى لا تخضع كوبا للهيمنة الإمبريالية، فقام بإنشاء المصانع، وتصدّى لتدخلات أمريكا في الشأن الكوبي، وعمل على تأميم كافة مصالح الدولة الكوبية، إلا أن هذه الخطوة أزعجت الولايات المتحدة الأمريكية، فزادت من حصارها التجاري والاقتصادي على كوبا.

دعم غيفارا المشاريع المُمَكننة والصناعية، وكان رافضاً لسياسة المحصول الواحد؛ حيث كان 75% من دخل كوبا الأقتصادي أساسه زراعة قصب السكر، ورفض القروض الروسية وفوائدها، ومنح القروض الخالية من الفوائد للمشاريع الوطنية والمشاريع التنموية، وقد كان محباً للعمل فظهر هذا الحب في ممارسته للعمل في المزارع والمناجم في أيام عطلته، ولم يشأ غيفارا الاستمرار في العمل بتلك المناصب التي أوكلت إليه، فآثر ترك منصبه كوزير للصناعة، واتجه إلى بوليفيا لمحاربة الاستعمار والظلم فيها.كانت وفاة غيفارا في بوليفيا حيث شارك في الثورات فيها عام 1967 ضد الجيش البوليفي، وقد كان هنالك العديد من الأسباب الّتي أدت إلى ضعف الثوار في بوليفيا، منها: عدم دعم الثوار من قبل السكان الأصليين لبوليفيا، والظروف البيئية والجغرافية الصعبة التي أدت إلى وفاة الكثير من الثوار، خيانة بعض المتخاذلين من الثوار، والتحاقهم بالجيش البوليفي، وإفشاء أسرار الثوار لهم، قوّة الهجمات التي تعرض لها الثوار والمدعومة من قبل القوات الأمريكية وأجهزة مخابراته، اضافة إلى قلة أعداد المتطوعين للقتال في الثورة وقلّة الدعم اللوجستي للثوار.كل هذه الأسباب سهّلت على الجيش البوليفي مطاردة غيفارا التي استمرّت عند وديان بوليفيا إلى أن انتهت بإصابته في ساقه، وعلى الرغم من هذه الإصابة إلا أنه بقي مقاوماً لآخر لحظة، وتمّ إعدامه في اليوم التالي من اعتقاله في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول من عام 1967، ليسدل الستار على حياة الكوميندانتي “تشيه” غيفارا ..الطبيب الذي أصبح أيقونة ثورية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى