“الفيدرالي” يتكبّد أول خسارة منذ عام 1915
أعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أنه تكبد في الربع الرابع من العام 2022 خسارة للأموال للمرة الأولى منذ 107 أعوام تقدّر بمبلغ 15.8 مليار دولار، حيث تئن الميزانية العمومية للبنك تحت وطأة امتلاك أصول ذات معدل فوائد ثابت والتزامات ذات أسعار متغيرة.
خسائر الفيدرالي ستستمر..
ومن المتوقع أن تستمر خسائر الفيدرالي حتى عام 2026 على أقل تقدير، وهذا التدهور المالي يهدد استقلاليته ومصداقيته وقدرته على إدارة سياسة نقدية فاعلة، حيث أشار مراقبون إلى أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي “جيروم باول” وكأنه رجل السيرك الذي يحاول إبقاء جميع الأطباق في حالة دوران حتى لا تتصادم وتنكسر، وهو ما يتضح فيما يقوم به من كفاح ضد التضخم، ومحاولة منع التهافت على البنوك لسحب الأموال، ودعم إنقاذ البنوك التي تعاني مشاكل فردية، والجهود المبذولة، لحماية المودعين غير المؤمن عليهم.
قوة الفيدرالي موضع شك..
أصبحت قوة الفيدرالي موضع شك، بعد أن خسر أموالاً، وهو ما لم يحدث منذ أكثر من /100/ عام، حيث أظهرت البيانات المالية السنوية المدققة لنظام الاحتياطي الفيدرالي لعام 2022، والتي صدرت مؤخراً، أنه في الربع الرابع سجل خسائر لأول مرة منذ عام 1915 وفقاً لمراقبين.
ماهي أسباب الخسائر؟
وأوضح محللون أن السبب المباشر لهذه الخسائر هو أن الاحتياطي الفيدرالي لديه عدم تناسق في الأصول مقابل الالتزامات في الميزانية العمومية، فأصوله في الأساس سندات الخزانة الأمريكية ذات السعر الثابت طويل الأجل والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، في حين أن التزاماته قصيرة الأجل ومتغيرة السعر، ونظراً لتشديده على مدار العام الماضي لمكافحة التضخم، فإن سعر الفائدة الذي يكسبه من حيازاته من الأسعار الثابتة في حساب السوق المفتوح للنظام ظل ثابتاً، بينما زادت كُلفة التزاماته مع كل خطوة تشديد من جانبه لرفع معدل الأموال الفيدرالية، ونتيجة ارتفاع أسعار الفائدة قصيرة الأجل، فإن هامش الفائدة الصافي للاحتياطي الفيدرالي انخفض على مدار العام وتحول في النهاية إلى سلبي.
4 زيادات في أسعار..
وفي نهاية العام كان لديه /8.4/ تريليون دولار من الأصول ذات السعر الثابت وربح 1.85% أما الالتزامات فكانت لديه /5.6/ تريليون دولار من اتفاقيات إعادة الشراء العكسي واحتياطات الإيداع، والتي يجب عليهم دفع الفائدة عليها، وكانت “نقطة التعادل” للبنك عندما كان عليه أن يدفع 2.75% على التزاماته، وتم تجاوز هذا الحد في 21 سبتمبر/ أيلول 2022 عندما رفعت “اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة” معيار الصناديق الفيدرالية المستهدفة بمقدار 75 نقطة أساس إلى نطاق 3.00-3.25%، ومنذ ذلك الحين أصبحت هناك أربع زيادات إضافية في الأسعار بلغ مجموعها 175 نقطة أساس إلى النطاق الحالي من 4.75%-5.00%.
وحقق الفيدرالي أرباحاً بلغت /32.4/ مليار دولار في الربع الأول من عام 2022، وهي أكبر أرباح ربع سنوية على الإطلاق، وانخفض صافي الدخل بشكل طفيف إلى 31 مليار دولار خلال الربع الثاني من عام 2022 مما يعكس أول 25 نقطة أساس تشديد في مارس/ آذار، تليها الحركة التالية بمقدار 50 نقطة أساس في مايو/ أيار، وتأثر صافي الدخل في الربع الثالث من عام 2022 بنسبة 75 نقطة أساس زيادة في كلٍ من يونيو/ حزيران، ويوليو/ تموز، وسبتمبر/ أيلول؛ حيث انخفض إلى 10.9 مليار دولار.
أول خسارة منذ 107 أعوام..
وأخيراً في الربع الرابع من عام 2022، ومع ارتفاعات إضافية في نوفمبر/ تشرين الثاني، وديسمبر/ كانون الأول وبلوغ إجمالي الدخل الصافي 125 نقطة أساس أصبح صافي الدخل سالباً لأول مرة منذ 107 أعوام، حيث خسر بنك الاحتياطي الفيدرالي – 15.8 مليار دولار، فيما استمرت الخسارة الصافية في الربع الأول من عام 2023، حيث نمت إلى – 26 مليار دولار مع زيادات إضافية في يناير/ كانون الثاني، ومارس/ آذار، وستستمر حتى تنخفض أسعار الفائدة القصيرة إلى ما دون 2.75% نقطة تعادل، واستناداً إلى اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في 21 مارس/آذار 2023 لا ترى توقعات المشاركين أن معدل الأموال الفيدرالية سينخفض إلى أقل من 2.75% حتى عام 2026.
ماذا بعد؟
تجاوزت الخسائر التراكمية حتى نهاية الربع الأول من عام 2023 رأس مال الاحتياطي الفيدرالي البالغ 42 مليار دولار، وفي البنك التجاري قد يؤدي هذا إلى الإفلاس لكن الاحتياطي الفيدرالي يعمل وفقاً لمجموعة مختلفة من القواعد، وحسب حساباته فليس للخسائر أي تأثير في رأس ماله، بل بدلاً من ذلك يتم تسجيل الخسائر في حساب أصول مؤجل تم إنشاؤه حديثاً يسمى “تحويلات الأرباح المستحقة للخزانة”، والتي يتم تسجيلها كالتزام سلبي في الميزانية العمومية، وستستمر الخسائر في زيادة حساب الأصول المؤجلة حتى يصبح الاحتياطي الفيدرالي مربحاً مرة أخرى وسيتم استخدام هذه الأرباح بعد ذلك لتقليل الأصل المؤجل، وتؤدي هذه المعاملة إلى قيام الاحتياطي الفيدرالي بإنشاء احتياطات جديدة لتغطية الخسائر.
المصدر: الخليج
صفحاتنا على فيس بوك – قناة التيليغرام – تويتر twitter