العناوين الرئيسيةفضاء الوسط

الفضائيون في درب التبّانة (ترجمة حيّان الغربي)

ثمة أربع حضارات فضائية معادية ربما تتربّص بنا في مجرّة درب التبّانة، هذا ما تذهب إليه إحدى الدراسات الحديثة. بيد أن احتمال أن يدمّر كوكبٌ مارقٌ الأرض يفوق بمئة ضعفٍ احتمال أن تغزوها جحافل جيشٍ فضائي. تحتوي مجرّتنا على ملايين الكواكب التي يحتمل أنها تستضيف شكلاً من أشكال الحياة، وثمة أربعة من هذه الكواكب تقريباً مستوطنةٌ من قبل حضارات فضائية عدائية لن تتوانى عن غزو الأرض بمجرّد أن تتمكّن من ذلك وفقاً لما يخلص إليه بحثٌ علمي حديث نشر مؤخراً على موقع “أركايف”. وبينما لما تخضع هذه الدراسة الجديدة لمراجعة الأقران بعد، فهي تطرح السؤال الغريب التالي: ما احتمال أن يتواصل الإنسان ذات يوم مع حضارة فضائية معادية وقادرة على غزو كوكبنا؟ للإجابة عن هذا السؤال، ارتأى مؤلّف الدراسة، ألبرتو كاباليرو، طالب الدكتوراه في تسوية النزاعات في جامعة فيجو الإسبانية، أن يقفل عائداً للنظر في التاريخ البشري أولاً قبل المضي قدماً للبحث بين النجوم. كتب كاباليرو في الدراسة: “تسعى هذه الدراسة إلى تقدير احتمال هيمنة حضارةٍ فضائية خارجية معادية من خلال استنباط مدى احتمال قيام الحضارة البشرية بمهاجمة أو غزو كوكب خارجي مأهول”.
الفضائيون في درب التبّانة
كاباليرو ليس فيزيائياً فلكياً، غير أنه نشر دراسةً حول موجة “واو” المغمورة التي التقطها تلسكوب “بيغ إير” في ولاية أوهايو الأميركية بتاريخ 15 أغسطس/ آب 1977 والتي يحتمل أن تكون صادرةً عن حياةٍ فضائية مجهولة، وخضعت دراسته تلك لمراجعة الأقران ضمن مجلة “علم الأحياء الفلكي”. لإجراء هذا التقدير، أحصى كاباليرو أولاً عدد الدول التي غزت دولاً أخرى ما بين العامين 1915 و2022، فتبيّن له أن 51 دولةً من دول العالم المئة وخمساً وتسعين قد نفّذت نوعاً من أنواع الغزو خلال الفترة المذكورة (تصدّرت الولايات المتحدة القائمة بأربعة عشر غزواً). ومن ثم، قيّم احتمالية أن تلجأ كل دولةٍ إلى الغزو استناداً إلى النسبة المئوية للإنفاق العسكري للدولة المعنية من الإنفاق العسكري العالمي (تصدّرت الولايات المتحدة القائمة أيضاً بنسبة 38% من الإنفاق العسكري العالمي). بعدئذٍ أضاف كاباليرو الاحتمالية الفردية لكل دولة بتحريض الغزو، ومن ثم قسم الناتج على العدد الإجمالي للدول على كوكب الأرض منتهياً إلى ما يدعوه “بالاحتمال الراهن لغزو البشر لحضارة فضائية”.
الفضائيون في درب التبّانة
بناءً على هذا النموذج، تبلغ الاحتمالات الحالية لقيام البشر بغزو كوكبٍ مأهول آخر 0.028%. ومع ذلك، كتب كاباليرو منوّهاً إلى أن الاحتمال يعكس الحالة الراهنة للحضارة البشرية، فليس البشر قادرين حالياً على السفر بين النجوم. وإذا ما استمر التقدّم التكنولوجي بمعدّله الحالي، عندئذٍ لن يصبح الانتقال بين النجوم ممكناً قبل مضي 259 سنة أخرى، كما تبيّن لكاباليرو بناءً على مقياس كارداشيف، الذي يقيس تقدّم الحضارات استناداً إلى كمية الطاقة التي يمكنها استثمارها. وإذا سلّمنا جدلاً بأن معدل الغزو من قبل البشر سيواصل هبوطه على مرّ الزمن بنفس معدل هبوطه خلال السنوات الخمسين الأخيرة (ناقص 1.15% في السنة وفقاً لدراسة كاباليرو)، عندئذٍ، سيتبين أن احتمال الغزو البشري لكوكبٍ آخر يبلغ 0.0014%، وذلك حين يغدو البشر قادرين على السفر بين النجوم أو حين تصبح الحضارة البشرية من النوع “1” بعد نحو 259 عاماً كما تشير الاحتمالات.
الفضائيون في درب التبّانة
قد يبدو هذا الاحتمال ضعيفاً جداً، وهو كذلك حقاً، ولكن الأمر سيتغير بمجرد أن تبدأ عملية الضرب استناداً إلى وجود ملايين الكواكب التي يحتمل أن تكون مأهولةً ضمن مجرة درب التبانة. ولإنجاز حساباته بصورةٍ نهائية، التفت كاباليرو إلى دراسةٍ نشرت في العام 2012 ضمن مجلة “ماثماتيكال اس.اي.تي.آي” (البحث الحسابي عن الحضارات الفضائية”، وقد توقّع الباحثون القائمون بالدراسة المذكورة بأننا، من الناحية النظرية، نتشارك مجرتنا مع نحو 15,785 حضارةً فضائية. وخلص كاباليرو أن ما يقل عن واحد من حضارات النوع “1” (0.22 على وجه الدقة) ستظهر عدائيةً تجاه البشر حال تواصلهم معها. مع ذلك، يرتفع احتمال وجود جيران عدائيين إلى 4.42 إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الحضارات غير القادرة على الانتقال بين النجوم، كما هو حال الحضارة الإنسانية الحالية، على حدّ ما أخبر به كاباليرو قناة “فايس نيوز”. كما أردف كاباليرو: “لم أذكر قيمة الاحتمال، 4.42، في دراستي للأسباب التالية: 1) نحن لا نعلم إن كانت جميع الحضارات في المجرّة مماثلة لنا. 2) يحتمل ألا تشكّل الحضارات المماثلة لنا تهديداً على أي حضارات أخرى إذ إنها لا تمتلك التكنولوجيا اللازمة للانتقال إليها”.
الفضائيون في درب التبّانة
لا يبدو أن علينا أن نقلق كثيراً إزاء احتمال وجود أربعة جيران فضائيين معادين لنا، ناهيك عن أن احتمال تواصل البشر مع أي من هؤلاء الجيران الأشرار، ومن ثم التعرّض لغزوهم، يبدو ضئيلاً جداً، على حدّ تعبير كاباليرو. كتب كاباليرو في دراسته: “إن احتمال أن نتعرّض لغزو فضائي إثر التواصل مع حضارة فضائية أقل بما لا يقاس من احتمال أن يصدمنا كويكب قاتل يودي بالحياة على الأرض”، وعقّب مشيراً إلى أن دمار الكوكب إثر اصطدامه بكويكب مارق، كالكويكب الذي أباد الديناصورات، هو حدثٌ يحتمل وقوعه مرةً كل 100 مليون عام. على الرغم من أن دراسة كاباليرو تشكّل تجربةً فكريةً مشوّقة، إلا أن الرجل يقرّ بأنها مقيدةٌ بحدودٍ معينة. فقد تم استنباط احتمال الغزو استناداً إلى جزءٍ محدودٍ جداً من تاريخنا فضلاً عن وضع افتراضات عديدة حول تطور الجنس البشري. كما يفترض النموذج أن العقل الفضائي يقوم على بنى دماغية وقيمٍ وإحساس بالتعاطف على نحو مماثلٍ لما هو لدينا، الأمر الذي قد لا يصح بكل بساطة، كما صرّح كاباليرو لمحطة فايس نيوز. أردف كاباليرو: “لقد أجريت الدراسة استناداً إلى الحياة كما نعرفها حصراً، فليست لدينا أدنى فكرة حول طريقة تفكير الفضائيين”. ووفقاً لما تبدو عليه الأحوال الآن، يبدو أننا سنستغرق ما لا يقل عن بضع مئات من السنين قبل أن نتعرّف على طرق تفكيرهم حقاً.

.

*شاعر ومترجم – سوريا

 

-لمتابعتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى