إعلام - نيوميديا

الطفل الذبيح ووعد السلاجقة

جريدة الأخبار اللبنانية … ذُبح طفل حندرات ذبحاً شرعياً بالمقاييس كلها: “إذا أراد أحدكم أن يذبح فليحدّ سكينه وليرح ذبيحته”. فقد كانت السكين كفيلة بقطع الأوداج الأربعة، وهي القاعدة الأم من شرائط الذبح. ثم إن الطفل الذبيح كان طفلاً قد بلغ حدّ التكليف على قاعدة “من أنبت شعر عانته فاقتلوه”.

وهذا ثبت للمجاهدين بالوجه الشرعي بعد التدقيق في نبات العانة، فلم يستلزم الأمر بعدها إلا تلاوة: “وإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب”. لكن ثمّة من يرى إشكالاً شرعياً في حزّ الرأس، غير أنّ هذا التفصيل لا يعني شيئاً ما دام تراث بأكمله قام على “واحتزّ رأسه وكبّر وكبّر المسلمون”. إلّا أن عبد الله عيسى، وهو اسم الذبيح، لم يتفقّه على الأرجح في دينه، فهو لم يتمكن من اختيار مذهب جيد، فكان الذبح عقوبة له على سوء الاختيار. فالإنسان مخيّر، وعبد الله عيسى قد اختار أن يولد في المخيم واختار أن يوالي لواء القدس وأن يعادي لواء نور الذين زنكي حين كان بإمكانه ما دام مخيّراً بأن يولد في كوبنهاغن أو في أوسلو. ولو فعلها لكان الآن جالساً في صالة جميلة خلف آلة بيانو يضرب بأنامله على أزرارها، ولم يكن بحاجة إلى أن يقوم بدور النعجة في “بيك آب” ياباني رديء وهو ينتظر الذبح على موسيقى التكبير المرعبة. لم يكن باستطاعة أحد أن ينقذ الرقبة النحيفة من الذبح، ولا أن يحافظ على تواصل الرأس مع الفقرات ما دام الذابح قد مارس عملية فصل الرأس باحترافية عالية. إذ قام بإمرار حدّ السكين من الخلف ما بين الفقرتين السادسة والسابعة عبر سلخ الأربطة التي تجمعهما، وهو ما سهّل عملية اقتلاع الرأس من مكانه. قد يكون هناك بعض الأخطاء الفقهية في طريقة الذبح، فليس هناك توثيق مصوّر لنعرف كيف احتزّ سيدنا خالد بن الوليد رؤوس أسرى بني جذيمة أو كيف كانت وضعية الأنسجة الممزقة التي تحيط بالرقاب المقطوعة في غزوات المسلمين أو حروبهم في ما بينهم. في كلّ الأحوال، فمما لا شكّ فيه أنّ اللحظات التي سبقت عملية الإعدام كانت أكثر صعوبة بمرات كثيرة على الطفل من عملية الذبح ذاتها، فقطع الأوداج كان سلساً والحق يُقال، إذ إنّه لم يستغرق سوى لحظات قليلة، نظراً إلى الليونة الفائقة للأربطة وللأوعية الدموية في مرحلة نمو غير مكتمل، وهو ما جعل من المشهدية بكليتها حدثاً عادياً يفتقر إلى الإبداع ولا يرقى إلى مستوى صلب الأطفال المفطرين عمداً في نواحي الرقّة ودير الزور، حتى أنّ مشهد رجم الزانية كان أكثر تشويقاً وإثارة بالنسبة إلى المتابع على امتداد قندهار الكبرى. لقد فشلت مجموعة “نور الدين زنكي” في إضفاء أبعاد تقنية ذات جودة عالية كالتي تقدّمها “داعش”، وهو ما يطرح علامات استفهام حول مستوى الإخراج التركي الذي يقف خلف “زنكي”، على الرغم من أنّ الأضحية المقدّمة كانت مثالية لإثارة الرعب الأقصى في قلوب الذين كفروا. وهو أمر لم يحسن الملتحون استخدامه، حتى أنّ صيحات التكبير المرافقة لم تكن بالمستوى المطلوب. ببساطة، وبعيداً عن التنظير الفارغ، لا يمكن استعادة التراث وإعادة بعثه في صحوة مكتملة إلّا بالاستعانة بمصادر هذا التراث ونبشها ولا بأس في استخدام بعض التكنولوجيا الحديثة مع المحافظة على التقليد. فلم يستطع أي فصيل إسلامي لغاية الآن أن يهدينا صورة مكتملة المعالم تحاكي غزوة أوطاس على سبيل المثال لا الحصر، أو اغتصاب جماعي كاغتصاب جيش الحجاج بن يوسف لنساء يثرب أو ذبح محمد الفاتح لكل حيّ في القسطنطينية، حتى المذبحة الأرمينية لم تستطع الفصائل الإسلامية استعادتها في صورة حيّة تفصيلية، وهذا محبط. وحده أردوغان وارث سيد قطب وحسن البنا يبدو واعداً بعد فشل التجربة الإخوانجية في مصر وتهاوي وتراجع راشد الغنوشي في تونس.
إنّها اللوحة التشيكيلية المميزة التي تجتاح المدن التركية والتي تتداخل فيها ألوان الأجساد العارية لجنود متمردين بألوان العلم الأحمر، وهو يخفي في خلفيته تباشير الأسود القاتم القادم حيث لن يكون بعدها للوطن أي معنى وفقاً لرؤية المعلّم سيد قطب: “الوطن ليس إلا حفنة تراب قذر”… وحلم الإخوان هو الحلم الإسلامي عينه بغزاة يتخطون حدود الدنيا كلها ليقدموا الأرض كلّها هدية تحت أقدام خليفة الله وأردوغان هو وارث الأرض ومن عليها.
إنّه زمن السلاجقة، فاستعدوا للفظائع الآتية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك