الصحراء تغزو إسبانيا.. وإعادة التفكير في إدارة الذهب الأزرق بات ضرورة

الصحراء تغزو إسباني، جفاف المستمر وموجة حر مبكرة، يجعل إسبانيا تعاني من شح في المياه، في الوقت الذي يتم فيه استخدام 80 بالمئة من المياه المتاحة لتزويد “حديقة خضروات أوروبا” تلك، ترتفع العديد من الأصوات داعيةً إلى إعادة التفكير في إدارة الذهب الأزرق.
إذا كان التعبير الشعبي في فرنسا يقول “في أبريل، لا تخفف من ملابسك”، ففي إسبانيا نقول “أبريل، تمتلئ البراميل” – أي في شهر أبريل تهطل السماء بالكثير من الماء، لكن هذه المقولة لم تكن في الموعد بداية عام 2023، بل على العكس تماماً، لم يكن فقط شهر أبريل-نيسان هذا هو الشهر الأكثر جفافاً على الإطلاق في البلاد، ولكن العديد من المدن سجلت أيضاً درجات حرارة عالية قياسية .
بعد فصل شتاء كان بدوره جافاً وحاراً بصورة غير طبيعية، عوّل السكان والسياسيون والعلماء على تغير الطقس في شهر أبريل-نيسان هذا للتخفيف من حالة الجفاف التي تضرب البلاد.
الصحراء تغزو إسبانيا.. حديقة خضروات أوروبا في خطر..
في هذا البلد الذي يطلق عليه غالباً “حديقة خضروات أوروبا” نظراً لأنه يصدر جزءاً كبيراً من إنتاجه الزراعي، فإن المزارعين هم أول ضحايا هذا الجفاف التاريخي.
ووفقاً للجنة الزراعة، إحدى النقابات الزراعية الرئيسية في البلاد، فإن 60 بالمئة من محاصيل الحبوب، غير المروية، “تختنق” حالياً بسبب قلة هطول الأمطار، يقول سيرج زاكا: “هذه الحبوب تزرع في الخريف وتحصد في الربيع، مثل القمح والشعير”، “وبسبب شح المياه فقد توقف نموها قبل أن تنضج، لذا لن نكون قادرين على حصادها”.
“كما إن زراعة أشجار الزيتون والفستق واللوز ستنخفض بكل تأكيد، لأنه حتى لو كانت هذه النباتات معتادة على المناخ الجاف فإنها ستعاني بلا شك في درجات حرارة عالية جدا كهذه”، و”بالنسبة للفواكه والخضروات في المزارع الصغيرة التي تعمل بدون ري، يحاول المزارعون تأجيل وقت البذر قدر الإمكان انتظاراً لظروف أكثر ملاءمة، لكن كلما مر الوقت زاد احتمال تخطي موسم النماء”.
التصحر..
علاوة على ذلك، وفقا لباتريسيو غارسيا فايوس، مدير مركز أبحاث التصحر في فالنسيا، فإن هذا الاستغلال المفرط للمياه الجوفية إلى جانب التغير المناخي، سيؤدي إلى تسريع عملية “التصحر في إسبانيا.”
“لذلك من الضروري مكافحة تغير المناخ وفي الوقت ذاته تعلم كيفية إدارة المياه بشكل أفضل، وإلا سيصبح جزء كبير من إسبانيا في غضون سنوات قليلة، صحراء قاحلةً”، وهو أمر حذرت منه الأمم المتحدة بالفعل بإعلانها أن ما يقرب من 75 بالمئة من الأراضي الآن بات في طور التصحر.
الذهب الأزرق..
وفي مواجهة كل تلك الإنذارات، يلفت جميع المتخصصين الانتباه إلى الملاحظة نفسها: “نحن بحاجة ماسة إلى التكيف مع هذا المناخ الجديد الأكثر جفافاً، وإعادة التفكير بالكامل في الكيفية التي ندير بها المياه”، كما يصر خورخي أولسينا، الذي يدعو إلى وضع خطة هيدرولوجية وطنية لإدارة المياه حتى عام 2050، “بناء خزانات المياه لم يعد لديه أي معنىً اليوم، فليس لدينا المزيد من المياه لنخزنه فيها، بدلاً من ذلك، يجب علينا تطوير استخدامات جديدة مثل إعادة استخدام مياه الصرف الصحي وقبل ذلك استحداث استخدامات أكثر عقلانية”.
المصدر: أ ف ب