نساجو السدو في شبه الجزيرة العربية يقاتلون للحفاظ على حرفة فريدة
يُعد السدو أحد أنواع النسيج البدوي التقليدي الذي يميز حياة وثقافة أهل البادية، ويُستخدم في حياكة الخيام والسجاد ورِحال الإبل
ويعد السدو من الحرف التي يشتهر بها أهل البادية في المناطق الشحيحة للموارد الطبيعية في شبة الجزيرة العربية، ويستخدم في حياكة هذا النسيج البدوي التقليدي وبر الإبل وشعر الماعز وصوف الأغنام، ويصنع منه البطّانيات والسجاد والوسائد والخيام وزينة رِحال الإبل.
ويحتل السدو مكانة خاصة في المجتمع الإماراتي، حيث يُعد من أبرز الحرف التي تلعب دوراً أساسياً في الحياة البدوية ومثالاً ملموساً يعكس مدى براعتهم وقدرتهم على التكيف مع بيئتهم الطبيعية.
ممارسة النساء لحرفة السدو من المساهمات الاقتصادية القيّمة..
وتعد ممارسة النساء البدويات لهذه الحرفة إحدى المساهمات الاقتصادية القيّمة التي تقدمها للمجتمع، فضلاً عن الدور الرئيس الذي لعبه السدو في الحياة الاجتماعية للمرأة الإمارتية.
ونظراً لأهمية حرفة السدو، تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2011 من إدراجها في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي الذي يحتاج إلى صونٍ
ولقرون حافظت المنسوجات البدوية التقليدية على دفء القبائل البدوية في الشرق الأوسط خلال ليالي الصحراء الباردة. ويعتبر السدو أو فن النسيج الأفقي الذي تمارسه النساء البدويات فناً متوارثاً منذ أجيال عديدة.
وهنالك مجموعة من نساجي السدو في شبه الجزيرة العربية يقاتلون الآن للحفاظ على هذه الحرف اليدوية الفريدة.
وميثا سعيد أبو الصلاح التي تعمل في النسيج منذ 30 عاماً واحدة من النساء القلائل في قطر التي تبقى هذه الحرفة حية، ووفق الأرقام هناك حوالي 40 حرفياً رئيسياً فقط في قطر مختصون في صناعة النسيج.
وتقول ميثا لـ “يورونيوز” تجربتي بدأت في المنزل، رأيت والدتي تعمل السدو وجدتي، وكذلك النساء في الحي، أخذت هذا التراث منهن”.
النمط من نسيج السدو عمل يحتاج لصبر..
حرفيو السدو يجعلون الأمر يبدو سهلاً، لكن هذا النمط من النسيج هو عمل يحتاج لصبر، ويشمل عدة مراحل من اختيار الخيوط إلى تصميم النمط الهندسي والألوان، ويمكن أن تستغرق القطعة الواحدة ما بين يوم إلى عام كامل حتى تكتمل، اعتماداً على مدى تعقيد التصميم وحجمه.
وفي سباق مع الزمن أطلقت مؤسسة “كرفان إيرث” وهي منظمة غير حكومية تعمل على تعزيز التحول الاجتماعي والثقافي والبيئي، مبادرة لتمكين ودعم نساجي السدو حتى يتمكنوا من مواصلة حرفتهم.
وتشمل المبادرة برنامج إقامة إبداعي مع مزرعة حينة سالمة القطرية، وهو برنامج متعدد التخصصات يضم التقاليد الصديقة للبيئة في شمال غرب الدوحة.
ويأمل أصحاب المبادرة في أن يوحد البرنامج الجهود بتوسيع نطاق البحث للعثور على أكبر عدد ممكن من نساجي السدو.
وقالت فرح ياسين وهي رئيسة الإقامة الإبداعية في كارافان إيرث: “لقد رحبوا بنا في منازلهم، جلسنا مع أطفالهم وعائلاتهم وشاركوا تجاربهم والحكمة الروحية التي اكتسبوها عبر الأجيال”.
وتضيف: “السدو نسيج جميل يمكن تنشيطه واستخدامه في حياتنا اليومية، ولهذا السبب لدينا فريق من الأشخاص الذين يعملون في تطوير المنتجات”.
مراحل حياكته..
تبدأ عملية صنع السدو بقص صوف الغنم وشعر الماعز وجمع وبر الإبل، ثم يتم تصنيفها حسب اللون والطول، ثم يُنظَّف الصوف بطرقه وهزّه لإزالة الشوائب، مثل النباتات أو الأشواك أو الغبار أو الأتربة حتى تصبح أصوافه صالحةً للنسج، ولاستكمال هذه العملية، يتم تنظيف الصوف ثلاث مرات أو أكثر باستخدام الماء الساخن أو البارد مع الطين أو الرماد أو مسحوق السدو الخاص أو الصابون.
يُغزل الشعر أو الصوف باستخدام المغزل، ثمّ يُصبغ بالألوان الزاهية المستخلصة من النباتات والتوابل المتوفرة في الإمارات العربية المتحدة، مثل الحناء والكركم والزعفران والصبار والنيلة. ويتميز النسيج التقليدي بألوانه المختلفة التي تتنوع بين الأسود والأبيض والبني والبيج والأحمر.
ويُغزل الصوف على النول، وهو آلة الحياكة المصنوعة من النخيل أو خشب العناب. ويتم استخدام عدة أنوال عند الحاجة إلى كميات كبيرة من مواد السدو اللازمة لصناعة الخيام أو في الأعراس.
وقد جرت العادة أن يُغزل الصوف ويحاك في مجموعات صغيرة، حيث تتبادل النسّاجات أخبار أسرهن. وعادةً ما يقمن بالغناء أو إلقاء الشعر، مثل فن التغرودة.
التصاميم والزخارف..
تتأثر النقوش والزخارف والأشكال والرموز المستخدمة في حرفة السدو بالبادية.
وتتميز هذه الزخارف الشائعة بأشكالها الهندسية التي تبرز الأراضي العُشبيّة المُنبسطة والكثبان الرملية وأشجار النخيل والأزهار والإبل والأغنام والصقور والآيات القرآنية والمساجد وأسماء القبائل، كما أنها تعكس أفكاراً معينة، فعلى سبيل المثال يجسّد شكل القلادة ذات الحلقات المتداخلة وحدة وتماسك أفراد القبيلة.
تتمثل أهم زخارف السدو في تصاميم أساسية مثل نقش الأشجار ونقش عويريان ونقش عين الغدير، والتصميمات المُزينة بالجلد والحبوب وأسنان الخيل.
المصدر: وكالات+ يورونيوز