الروائي واسيني الأعرج: منة شلبي أمام مهمة تاريخية لإنصاف مي زيادة
الروائي الجزائري واسيني الأعرج يقول أن الممثلة منة شلبي أمام مهمة تاريخية لإنصاف مي زيادة، جاء ذلك بعد أن تقرر تحويل روايته الموسومة بـ”مي ليالي أيزيس كوربيا” إلى عمل تلفزيوني .. بعنوان “ليالي العصفورية”، من سيناريو المصري محمد هشام، وإخراج مريم الأحمدي وبطولة الممثلة منة شلبي
و تحدث الروائي الأعرج عن شخصية، نابغة الشرق مي زيادة، وأهمية تحويل قصتها إلى عمل تلفزيوني..في لقاء مع موقع “سكاي نيوز عربية”، حيث قال: ولدت فكرة رواية “مي ليالي ايزيس كوبيا، ثلاثمئة ليلة وليلة في جحيم العصفورية” في إطار مشروع سلسلة الكتابات التي أعددتها عن المرأة العربية”.
وفي رحلة البحث عن الأدوار التاريخية التي قامت بها المرأة العربية، التقى الأعرج بهذه الشخصية العظيمة التي لم تأخذ حقها، على حد تعبيره.
وقال الروائي واسيني الأعرج: “تركت مي عبارتها الشهيرة: “أتمنى أن يأتي من ينصفني يوماً بعد موتي”، تلك الجملة هي التي دفعتني نحو للبحث عن تفاصيل قصتها، وقد قررت كتابة الرواية من أجل إنصاف مي العظيمة”.
وعن تفاصيل تلك قصة حياتها، أضاف: “حكاية مي ليست فقط قصتها مع الشاعر الكبير جبران خليل جبران، بل هناك الكثير من الأمور التي ظلت مجهولة عن حياتها، لقد حاولت اكتشافها من خلال رحلة بحث طويلة من مصر ولبنان وفلسطين”.
وأضاف الأعرج: “قبل عملية البحث والكتابة لم أكن أعرف أن مي زيادة دخلت مستشفى الأمراض العقلية، ولم أكن أعرف شيئا عن قصتها مع ابن عمها، وكلما تقدمت في عملية البحث إلا واكتشفت الكثير من التفاصيل المحزنة، لسيدة عاش اسمها في سماء نجوم الأدب ولكنها كانت امرأة مجروحة ومظلومة حتى رحلت عن عالمها.
اقرأ المزيد…الأمير و«مكتشف البارود» الجديد
الروائي واسيني الأعرج: منة شلبي أمام مهمة تاريخية لإنصاف مي زيادة
مالا تعرفه عن مي زيادة:
كانت النهضة في زمانها حلمًا، أما حرية المرأة فكانت هاجسًا. هكذا عاشت مي زيادة الروائية والشاعرة اللبنانية التي سلبت قلوب الجميع بصفاتها التي لا يكررها الزمان مهما طال. لا يسعنا سوى الغرق بين سطور كتبها ليصيبنا نهمٌ كبير ونقلب الصفحات واحدةً تلو الأخرى لنرى الرومانسية الفائضة التي تغنت بها برسائلها لجبرن خليل جبران، أو نشعر بعنفوانها الشامخ الذي طالبت به بنهضة المرأة العربية وشجعت كل امرأة على الحصول على حقوقها المشروعة.
عانت الحب فأبدعت، تعلمت، فازدهرت اللغات المختلفة بريح كتاباتها النقية. أما عن محبيها فكانوا كُثرًا أُخذوا بسحر أدبها ونقائها الصادقين.
بدايات مي زيادة
وُلدت مي زيادة لأبٍ لبناني وأم فلسطينية من الناصرة، وكانت الابنة الوحيدة لهما. كان والدها الياس زياد محررًا صحفيًا.
التحقت بالمدرسة الابتدائية في الناصرة، إلّا أنّ عائلتها انتقلت إلى كسروان اللبنانية فيما بعد فالتحقت بالمدرسة الفرنسية لدير الراهبات لإكمال دراسته الثانوية، وتعرفت هناك على الأدب الفرنسي والرومنسي الذي أخذ يروقها بشكلٍ خاص. كما التحقت بعدة مدارس أخرى في لبنان عام 1904 لتنتقل العائلة بعدها عائدةً إلى الناصرة، ويشاع أنها نشرت أولى مقالاتها في سن السادسة عشر.
حياة مي زيادة الشخصية
أحبها كثيرون منهم الشاعر إسماعيل صبري وعبد العزيز فهمي وعباس محمود العقّاد وأحمد شوقي وطه حسين وأحمد حسن الزيات الذي وصفها بقوله: “تختصر للجليس سعادة العمر كله في لفتةٍ أو لمحةٍ أو ابتسامة”.
على الرغم من عدم زواجها، إلّا أنّها كانت على علاقةٍ مع أحد أعظم أدباء القرن العشرين العرب وهو الكاتب اللبناني جبران خليل جبران.
وعلى الرغم من أن الثنائي لم يلتقيا، إذ كان جبران يعيش في نيويورك آنذاك، إلّا أنّهما احتفظا برسائل بعضهما الخطية التي استمرت 19 عامًا حتى وفاة جبران عام 1931.
اقرأ المزيد…نحو نهضةٍ عربيّة ثقافيّةٍ جديدة.. منبر أدباء بلاد الشّام “أنموذجاً”..
إني أخاف من الحب كثيرًا، لكن القليل من الحب لا يرضيني..مي زيادة
إنجازات مي زيادة
هاجرت برفقة عائلتها إلى مصر عام 1908، وهناك أسس والدها صحيفة “المحروسة” والتي ساهمت مي فيها بعدة مقالات.
كانت مهتمةً بدرجةٍ كبيرة بتعلم اللغات، فثابرت على تعلم اللغات في المنزل بالإضافة إلى تعلمها في المدارس الكاثوليكية الفرنسية والجامعة. فتعلمت الإنجليزية والإيطالية والألمانية والإسبانية واللاتينية واليونانية، وتخرجت عام 1917.
كانت مي معروفة جدًا بين الأدباء العرب، حيث استقبلت العديد من الكتّاب والمثقفين من الذكور والإناث في صالون أدبي انشأته عام 1912، وكان من بين الذين يترددون إليه: طه حسين وخليل مطران وأحمد لطفي السيد وأنطوان الجميل وعباس العقاد وغيرهم العديد.
شاركت أيضًا في حركة تحرر المرأة وأعربت عن قلقها العميق إزاء تحرر المرأة العربية، إذ يجب أن يتم ذلك بأسرع وقت، كما أعربت عن اعتبارها المرأة عنصرًا أساسيًا لكل مجتمع إنساني وأن المرأة المستعبدة لا تستطيع إرضاع أطفالها رضاعة طبيعية طالما أن هذا الحليب تطغى عليه رائحة العبودية. وفي عام 1921 عقدت مؤتمرًا تحت عنوان “الهدف من الحياة” دعت فيه المرأة العربية إلى التطلع نحو الحرية والانفتاح على الغرب دون نسيان هويتها الشرقية.
كان أول كتاب لها هو “أزاهير حلم” وهو مجموعة من الاشعار باللغة الفرنسية، تلاه العديد مثل “كتاب المساواة” و”كلمات وإشارات” و”ابتسامات ودموع” والعديد العديد.
نشرت مي العديد من المقالات في صحفٍ كبرى مثل “الهلال” و”الأهرام” و”الزهور”.
وفاة مي زيادة
تعرضت لعددٍ من الخسائر الشخصية بين عامي 1928 1932 بدءًا بوفاة والديها وصديقيها إضافةً إلى وفاة الكاتب اللبناني الذي جمعتها معه علاقة حب وهو خليل جبران.
تدهورت حالتها الصحية وعادت إلى لبنان وأدخلها أقاربها مستشفى للأمراض العقلية للسطو على أملاكها، إلّا أنّها استطاعت فيما بعد إثبات صحتها العقلية لتخرج بموجب تقرير طبي وحملة صحفية كبرى في المجلات اللبنانية الرائدة كـ “المقدسي”، وتعود للقاهرة..
توفيت بتاريخ 17تشرين الأول 1941، في مستشفى المعادي في القاهرة. رثاها محمود العقاد بقوله: “كل هذا التراب آه من التراب”، أما هدى شعراوي فقالت: “كانت مي المثل الأعلى للفتاة الشرقية الراقية المثقفة”. كما كُتب في رئائها العديد والعديد من المقالات في الصحف.
على الرغم من وفاتها لا تزال كتاباتها تمثل الموجه الرئيسي والأول للحركة النسائية اللبنانية؛ إذ أعربت عن اعتقادها أن تحرير المرأة يتمثل بشكلٍ رئيسي في حصولها على التعليم وحق التصويت والتمثيل في الحكومة.
المصدر: وكالات ، مواقع ،صحف