رأي

“الحالة السورية” .. استشراف للواقع والمستقبل .. هني الحمدان 

حقّ طبيعي لأي دولة أن تتّخذ الإجراءات التي تجدها صحيحة، وكما ترى لتحقيق كلّ تطلّعاتها وأهداف توجهاتها السياسية، وما يعزّز ويقوّي بنى اقتصادها، في مسعى لرأب أي انتكاسة تواجه مسيرة حركة إنتاجها ونمو اقتصادها، ويكون خيارها أو توجهها هذا قوياً عندما يكون نابعاً عن حسّ ومسؤولية وحصافة موغلة بالإرث، بلا أي ارتهانات أو خنوع أو مهادنة لإرادة ما، ويزداد أكثر عندما تكون تدافع عن حقّ مكتسب لها، وترفض أي مساس به أو تسويف وأيّ تلاعبات على مسائل من قبل دول أخرى مثلاً.

في هذه الحالة تمتلك تلك الدول كل مقومات القوة وإرادة الثبات على النهج القويم، الذي لا يساوم على حقّ أو ذرّة تراب واحدة.

اليوم، في الحالة  السورية لا تنفصل الأقوال عن الأفعال، خطوط الرؤى والاستراتيجيات السياسية واضحة ومبدئية، بعيدة عن  أي تلوّن، ولا تعرف ذلك مطلقاً، ولا تفضّل الدخول في ساحات المواقف المرتبكة البعيدة عن الأخلاقيات.

ما يميز السياسة السورية المعهودة، سمتان أساسيتان، الأولى العقلانية والاستشراف المستقبلي، والسمة الثانية التوازن وعدم الحياد عن الحقوق وكل ما يمسّ بالسيادة وحق الشعب، هما سمتان لا يغفل عنهما أي متابع للحالة السورية على مدار سنوات، وإذا حددنا هاتين السمتين، فهذا لا ينفي أن هناك سمات ومزايا كثيرة، لكن من باب الإشارة إلى أن أكثر ما يزيد الثقة والطمأنينة في الحالة السورية وتعاطيها مع المتغيرات على الساحة المحلية والدولية، هو الثبات على المبادىء، ورفض مطلق لكل ما يمتّ لسلوكيات غير منضبطة أو غير منسجمة مع منظومة القيم التي تحركها.

هذا الثبات على المبادئ، والوثوقية الكاملة في قراءة الواقع بكل تجلياته ومفرداته محلياً وعالمياً وما اعتراه من تغيرات ومفرزات أثّرت على مجريات الأحداث في كل بقاع العالم ،عزّز المكانة الحقيقية التي تتمتع بها أبجديات الحالة السورية الغنية و المشبعة، وهنا حلّقت عدالة وقوة ونجاعة المواقف، وبدت الصورة أكثر نصاعة، إذ ظهرت حنكة القيادة في أكثر من مجال  بتسييرها للأمور والعلاقات مع الدول، والرؤى الحصيفة في كل المجالات، رؤى تخرج بالقرار السليم وفق ما تراه متناسباً مع الأهداف والمصالح الأساسية للمواطن السوري.

بعيداً عما أثمرت عنه زيارة الرئيس بشار الأسد إلى روسيا وما أتت بنتائج إيجابية غير مسبوقة، فهي ليست كالزيارات السابقة، بل كانت زيارة أسّست لمرحلة جديدة من التعاطي والارتقاء إلى استراتيجية متكاملة بعلاقات ستمتد إلى نواحي الاقتصاد ومسائل أخرى شتّى، ستحمل الخير للشعب وتحقق المصالح للبلدين في ظل قيادتين تعملان على كل ما يعزز الأمن والاستقرار والتنمية .

النقطة المهمة التي تجلّت في الرسائل التي انبثقت عن برنامج ولقاءات الزيارة كانت باتجاه تركيا، الجارة العدو لسورية، كانت رسالة سورية واضحة: إذا كانت تركيا ترغب بحقّ في فتح صفحة علاقات إيجابية، عليها تنفيذ انسحابها من الأراضي السورية وأن تلتزم بحقوق وسيادة الدول، لا تسوّق أوهاماً وتدّعي وترسل رسائل سياسية غير حقيقية، هدفها الترويج لحملاتها الانتخابية المقبلة، فالصدع الذي سببّته تركيا مع سورية لا يزال كبيراً، يلزم لرأبه انسحاب تركيا الكامل والتزامها بالمسائل الجوهرية تجاه سورية، فإذا كانت جادّة لفتح صفحة جديدة من التفاهم والعلاقات، عليها تجاوز الخلافات السابقة واعترافها بسرقاتها التي ارتكبتها، وإبداء المرونة والنيّة الصادقة مع أي مسعى أو تعاطٍ سياسي، فاللقاءات الاستكشافية لم تقدّم جديداً بعد عن متى ستبادر تركيا باتخاذ الخطوات الفعلية على أرض الواقع، بعيداً عن رسائل البالونات الانتخابية.

الرسالة السورية واضحة وضوح الشمس، أحقيتها كأي دولة أخرى بالحفاظ على حقوقها والدفاع عن ترابها ومصالحها الاقتصادية، وعدم التدخل في نسيجها الجغرافي، وتجلّى ذلك قوياً لأي متابع، أن سورية لن تحيد أو تفرّط بأي حقّ لها، وجاءت رسائل القيادة شافية ورسمت خطوطاً عريضة للمرحلة القادمة، الأمر الذي يدلّ من جديد على مدى الحكمة والحنكة والنظرة العميقة للقيادة السياسية، وهي محركات قارئة للواقع والمستقبل بصورة تجعلها بعيدة عن أي ارتداد، وهذا ما أكسبها ويكسبها المزيد من الثقة وعوامل النجاح في كل الخطوات والتوجهات والتعاملات على صعد الجبهات المحلية والعالمية، كلّ ذلك ينعكس إيجاباً على واقع البلد وحال المواطن.

 

إقرأ أيضاً .. مسارات واستقطابات جديدة .. هل تُبدَّد الغيوم الداكنة وتُرفرف أعلام الانفراج !؟

إقرأ أيضاً .. اقتصاد سورية .. فجوات تتسع بين الواقع والطموحات ومطارح خاملة بلا إنتاجية! ..

 

*إعلامي – رئيس تحرير صحيفة تشرين السورية سابقاً
المقال يعبر عن رأي الكاتب

 

صفحاتنا على فيس بوك  قناة التيليغرام  تويتر twitter

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
لبنان.. هيئة الاتصالات "أوجيرو" مهددة بالتوقف عن العمل.. نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة يتعرض لموقف محرج بعد تصريحه: لا توجد قوات مسلحة أمريكية داخل سوريا.. ولا أعلم بوجودها.. "إيكونوميست" البريطانية: أزمة أرز عالمية.. و الطلب عليه في إفريقيا و آسيا آخذ في الارتفاع.. زيلينسكي: خسارة القوات الأوكرانية في باخموت.. ستدفعني للتنازل.. صحيفة "زمان التركية": "أردوغان" ليس الأول باستطلاعات الرئاسة.. و مرشح تحالف الأمة المعارض "كمال كيليتشدار أوغلو" يتقدم 2.5 نقطة.. روسيا تبرم اتفاقا مع الهند لزيادة إمدادها بالنفط "بشكل كبير".. مجلس الأمن الروسي: موسكو ملتزمة بمنع نشوب حرب نووية.. تكدس ناقلات النفط أمام السواحل الفرنسية جراء الإضرابات العمالية.. سوريا: المديرية العامة للموانئ تعلن إغلاق كل الموانئ في محافظتي طرطوس واللاذقية بما فيها الميناء التجاري في طرطوس نظراً للظروف الجوية السائدة.. مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: الأطراف تواصل العمل على إنشاء منطقة أمنية بمحيط محطة زابوروجيه.. مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: يجب اتخاذ كل الخطوات الممكنة لحماية محطة زابوروجيه النووية من أي هجوم.. عبد اللهيان: اجتماع روسيا وتركيا وإيران وسوريا الأسبوع المقبل في موسكو.. بن غفير: إسرائيل ليست نجمة أخرى في علم أمريكا وعلى بايدن أن يفهم ذلك.. لافروف: لا يوجد بديل عن الاتفاق النووي الإيراني ويجب استئنافه في أقرب وقت.. مصر تستقبل شحنة قمح روسي تزيد على 40 طنا عبر ميناء دمياط البحري.. مجلس الوزراء السعودي يوافق على الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون.. بمشاركة 3 آلاف عسكري.. روسيا تبدأ مناورات تشمل أنظمة صواريخ "يارس" النووية.. سوريا: الرئيس الأسد يصدر مرسوماً يجرى بموجبه تعديلاً وزارياً يشمل النفط والتجارة الداخلية والصناعة والشؤون الاجتماعية.. مجدداً مطالبة ​بريطانيا​ وحلفاءها بإمداد كييف بالمال والسلاح.. رئيس البرلمان الأوكراني: لا يمكننا مواجهة روسيا بقدراتها الهائلة والقتال حتى الإنهاك.. وزير الحرب الإسرائيلي السابق بيني غانتس: مهمتنا إنقاذ إسرائيل وليس الحكومة.. ونتنياهو أضر بعلاقتنا مع أمريكا.. بايدن: أزمة البنوك لم تنته حتى الآن.. و الفشل الذي لحق بكل من بنك سيليكون فالي وبنك "سيغنتشر".. بمثابة ضربة لقيمة الأسهم .. سوريا: سفينة مساعدات باكستانية تصل إلى مرفأ اللاذقية لدعم المدارس المتضررة من الزلزال.. رداً على الخطوة الروسية بتعليق المشاركة في معاهدة "نيو ستارت".. واشنطن تحجب بعض "بيانات القوة النووية".. إضراب ناجح نفذته النقابات العمالية في ألمانيا للمطالبة برفع الأجور.. وتوقعات بمزيد من الاحتجاجات والتصعيد خلال الأيام المقبلة.. إذا لم تستجب الحكومة للمطالب.. الشرطة الفرنسية تعتقل 55 متظاهرا في باريس.. لاجئ أفغاني يقتل امرأتين في حادث طعن بالبرتغال.. نواب وزراء خارجية سوريا وتركيا وإيران وروسيا سيجتمعون خلال شهر نيسان في موسكو.. لاستئناف الاتصالات بين أنقرة ودمشق.. الدين العام الفرنسي يقترب من عتبة 3 تريليون يورو.. بعد أن بلغ 2.95 تريليون يورو في نهاية العام الماضي.. تظاهرات مليونية ضد تعديلات ماكرون للتقاعد..عنف وحرق واشتباكات بين الشرطة والمحتجين في مدن فرنسية.. والإضرابات مستمرة.. الأردن: سنزود لبنان بالكهرباء بعد حصوله على موافقة البنك الدولي..