أرشيف الموقعاقتصاد

الجنيه المصري.. قرار المركزي قد يمهد لانهيار أكبر!

استقر الجنيه المصري بشكل ملحوظ خلال الأيام القليلة الماضية بعد أن تعرض لانخفاضات حادة مطلع يناير (كانون الثاني) وظل قريباً من مستويات الـ 30 جنيه للدولار لعدة أيام مع إغلاق يوم الأربعاء الماضي.

ويتوقع خبراء مزيداً من انخفاضات الجنيه المصري أمام الدولار فيما يتوقع آخرون ارتفاع الجنيه أمام الدولار وسط تحركات متضاربة في سوق العملات.

 ومن المتوقع أن يتخذ المركزي المصري قرار الفائدة يوم الخميس القادم بعد يوم واحد من قرار فائدة الفيدرالي الأمريكي وذلك لأن رفع الفائدة غالبًا ما يتزامن مع حدوث انخفاضات في العملة خاصة في مصر وهو ما حدث في التعويمات السابقة وذلك وفقاً لتقرير نشره موقع “إنفستينج دوت كوم”.

المركزي المصري.. قرار أسعار الفائدة الأسبوع المقبل

وكشف توقعات صادرة عن وكالة رويترز يوم الأربعاء الماضي وقبل أيام قليلة من توقف شهادات ذو الفائدة 25% في بنوك مصر والأهلي والقاهرة عن تراجع أسعار الفائدة في مصر على الإقراض لليلة واحدة من حدود الـ 17.25% إلى 15% مع حلول نهاية شهر يونيو (حزيران) المقبل.

وأشار التقرير الذي أجرته الوكالة وشمل 18 خبيراً اقتصادياً خلال الفترة الممتدة من التاسع حتى أمس الثلاثاء 24 يناير (كانون الثاني) إلى وصول معدلات العائد على الإقراض عند 9.75% مع حلول يونيو (حزيران) من 2026.

وقال مدير وحدة أدوات الدين في شركة “نير للاستشارات” محمد النجار: إن الحكومة المصرية قد تنجح في الاقتراض من أسواق الدين العالمية خلال الفترة المقبلة بأسعار تنافسية ومناسبة بعد موافقة صندوق النقد الدولي على إقراضها موضحاً أن معدل الفائدة على الاقتراض الخارجي من المرجح أن يكون في حدود 6 – 6.5% وهي معدلات مناسبة للتغيرات العالمية في الوقت الحالي.

وتابع النجار: أتوقع استمرار المركزي المصري في زيادة أسعار الفائدة لتصل إلى مستوى 20% في الربع الأول من العام الجاري 2023.

بدوره أشار طارق متولي الخبير المصرفي المصري إنه من المتوقع أن يتجه البنك المركزي لتثبيت سعر الفائدة خلال اجتماع مطلع فبراير المقبل.

وأضاف متولي في تصريح صحفي أن هناك عدة عوامل تؤثر في قرار لجنة السياسات النقدية غالبيتها مبشرة تشير إلى الاستقرار وتزيد من احتماليات تثبيت سعر الفائدة خلال اجتماع مطلع فبراير لافتاً إلى أن أحوال سوق الصرف ومدى جاذبيته للاستثمار الأجنبي أحد العوامل المؤثرة على قرار البنك المركزي وفي ظل استقرار أحوال سعر الصرف وإعلان المركزي جاذبيته الجيدة للاستثمار فإنه من المتوقع أن يتجه المركزي لتثبيت سعر الصرف.

ومن المقرر أن تجتمع لجنة السياسة النقدية لمناقشة مصير سعر الفائدة  الخميس المقبل بعد يوم واحد من قرار فائدة الفيدرالي الأمريكي حيث تجتمع اللجنة مساء الخميس كل ستة أسابيع على أن تصدر نتائج اجتماع اللجنة عند السادسة مساء تقريباً .

هل يرفع المركزي المصري الفائدة ويمهد لمزيد من التراجعات؟

في هذه الأثناء انخفض الجنيه المصري بقوة أمام العملات الأجنبية بعد دقائق معدودة من إعلان البنوك المصرية إصدار شهادات ادخارية تصل إلى 25% ليغلق عند مستويات الـ 27.25 جنيه الأمر الذي يعيد للأذهان مجددا التعويم المحتمل الذي توقعه أغلب الخبراء والبنوك العالمية.

وغالباً ما يتزامن إعلان رفع الفائدة مع تعديل محتمل لسعر العملة خاصة في مصر وذلك من أجل السيطرة على الأسعار وسحب السيولة من السوق وهو الأمر الذي حدث في 3 تعويمات سابقة للعملة فهل يحدث مجددا الفترة القادمة بعد قرار المركزي المصري يوم الخميس بشأن سعر الفائدة بحسب تقرير “إنفستينج دوت كوم”.

فجوة تمويلية.. هبوط الجنيه نحو الـ 32

في سياق متصل قالت المحللة الاقتصادية في “أكسفورد إيكونوميكس إفريقيا” كالي ديفيس: إن الفجوة التمويلية لمصر ستكون أكبر بكثير من تقديرات صندوق النقد الدولي وستصل إلى /20/ مليار دولار خلال عام 2023 فقط.

وأضافت: نعتقد أن خدمة الدين الخارجي ستكون أعلى من تقديرات صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير وذلك لأن الصندوق يبدو وأنه يستثني الدفعات قصيرة الأمد إذا تقديراتنا أعلى بكثير.

وتوقعت ديفيس استمرار تراجع الجنيه المصري ليصل الدولار إلى /32/ جنيهاً مع نهاية عام 2023 وقالت: إن الجنيه المصري يتجه إلى آلية سعر الصرف العائم خاصة أن رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر أكد أن البنك المركزي لم يتدخل في أسواق الصرف منذ أكتوبر فيما جاءت الموجة الأخيرة من تراجع سعر صرف الجنيه في يناير نتيجة الإفراج عن بعض البضائع المكدسة في المواني وهو ما أدى إلى السحب من احتياطيات العملات الأجنبية والذي أدى إلى ضعف الجنيه المصري.

وأضافت أن العملة المصرية معرضة لمزيد من التراجع في المستقبل خاصة إذا تعرضت الاحتياطيات الأجنبية لمزيد من الضغط وهو ما سيحد قدرة البنك المركزي للتدخل في أسواق الصرف.

وتابعت ديفيس: أرى أنه طالما أن عدم اليقين حيال العملة المصرية مستمر فإن المستثمرين الأجانب سيبقون مترددين إلى حد ما في الاستثمار في الأصول المالية الصادرة عن الحكومة المصرية على الأقل لحين تأكدهم بأن هذه الأصول ستحافظ على قيمتها ولن تتراجع مقابل الدولار.. فهذا خطر مستمر للأسواق.

مستويات الـ 26.. هل تتحقق؟

وبين مسح أجرته رويترز بشأن الاقتصاد المصري وسعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية شمل خبراء اقتصاديين أنه من المتوقع أن يصعد الجنيه المصري أمام الدولار بحلول يونيو (حزيران) المقبل ليصل إلى مستويات الـ /26/ جنيه للدولار الواحد حيث توقّع الخبراء أن تتجاوز معدلات نمو الاقتصاد المصري التوقعات وأن يرتفع الجنيه المصري الذي أغلق عند /29.82/ اليوم مقابل الدولار إلى /26.24/ أمام الدولار بنهاية يونيو (حزيران) 2023 لكنه سينخفض مرة أخرى إلى /28.50/ بحلول يونيو (حزيران)  من العام التالي 2024.

وتوقع الاستطلاع أن يرتفع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن إلى 13.4٪ في 2022/23 و 16.6٪ في العام التالي قبل أن يستقر عند 8.8٪ في 2024/25 وهذا من شأنه أن يضعها مرة أخرى ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي وهو 5%-9%.

ما سر استقرار الجنيه الفترة الماضية؟

وكشف تقرير حديث لبنك “جولدمان ساكس (NYSE:GS)” أن هناك  أسباب تقف وراء انخفاض سعر صرف الدولار في السوق المصرية أولها زيادة المعروض بفضل الشهادات مرتفعة العائد التي أعلنت عنها البنوك التابعة للحكومة المصرية بعائد سنوي يبلغ نحو 25%، إضافة إلى زيادة إيرادات السياحية وأن من الأسباب أيضاً نمو حصيلة التحويلات بجانب تراجع الطلب على العملة الأجنبية بسبب انخفاض سعر الجنيه المصري مقابل الدولار ورفع أسعار الفائدة واستمرار حالة عدم اليقين بشأن الأداء الاقتصادي على المدى القريب.

ووفقًا للتقرير فإن الأسباب تتضمن أيضاً زيادة الثقة في العملة المصرية مع إتمام برنامج التمويل مع صندوق النقد الدولي فضلاً عن العمل على الإفراج عن البضائع في الموانئ المصرية وإبطاء وتيرة الاستثمار الحكومي في بعض المشروعات القومية لكن في المقابل أشار بنك الاستثمار الأميركي إلى استمرار وجود قيود على استخدام النقد الأجنبي بالشكل الذي يشير إلى أن هناك طلباً غير ملبى ولذلك يوجد سوق موازٍ بأسعار أعلى من أسعار الصرف في السوق الرسمية.

وأشار التقرير إلى أن مصر أحرزت تقدماً كبيراً في إصلاح سعر الصرف لكن السوق لم يصل لمرحلة التوازن بعد.

التعويم الكامل لم يبدأ بعد!

بدوره قال غولدمان ساكس في ورقته البحثية: إن التزام البنك المركزي بمرونة سعر الصرف في الوقت الحالي يبدو حقيقياً إذ لم يعد يتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر في سوق الصرف الأجنبي خاصة أن سعر صرف يحوز على جزء كبير من اهتمام صندوق النقد الدولي الذي يراقب السوق عن قرب ووضع تدابير ومؤشرات في برنامجه مع مصر الممتد لنحو /46/ شهراً للتأكد من استمرار الالتزام، كما يدعم الاضطراب الذي شهده سوق الصرف الأسبوع الماضي هذه النتيجة.

وأوضح التقرير أن عدم تدخل البنك المركزي المصري لا يعنى بالضرورة أن سوق الصرف يعمل بشكل حر وأن القيود على استخدام العملة الأجنبية تعني أن السوق الرسمي مازالت تحت ضغط.

لماذا لجأت مصر للتعويم؟

وتلجأ الدول لتعويم عملتها المحلية بشكل عام بفعل زيادة الضغط عليها وتراجع الإيرادات الدولارية للدولة أو الرغبة في تنشيط الاقتصاد المحلي عن طريق فتح السوق للمستثمرين الأجانب والحفاظ على مصالحهم وإعادة التوازن في موازين الدولة التجارية والحد من العجز بها كما تخفض الدول عملاتها بهدف زيادة موارد النقد الأجنبي من أنشطة رئيسية مثل الصادرات والاستثمارات الخارجية المباشرة والسياحة.

كما تلجأ الدول لهذا الخيار الصعب عند الأزمات المالية والأوضاع الاقتصادية غير المستقرة واضطرابات أسواق الصرف بغية تخفيض نسبة العجز المالي والحد من استنزاف النقد الأجنبي من الخزينة لكن شريطة أن يكون مؤشر ناتجها المحلي قوياً.

ويشير الخبراء إلى أن نتائج تعويم سعر العملة تتمثل في حدوث قفزات في أسعار السلع خصوصاً المستوردة وارتفاع معدلات التضخم والغلاء وتآكل القدرة الشرائية للمواطن وزيادة معدلات الجوع والفقر والبطالة وانهيار في قطاع الصناعة.

وسمح البنك المركزي المصري بتعويم الجنيه /4/ مرات منذ نوفمبر 2016 وذلك باتفاق مع صندوق النقد الدولي منها مرتان خلال 2022 مارس (آذار) وأكتوبر (تشرين الأول) ومرة بداية العام الحالي واسفرت التعويمات الثلاثة التي جرت منذ مارس 2022 عن زيادة سعر الدولار مقابل الجنيه بنسبة تزيد عن 90%.

وكان العام 2022 قاسياً على الجنيه المصري حيث بدأ الجنيه في التهاوي من /15.75/ جنيه للدولار بداية العام إلى /18/ جنيه بعد قرار البنك المركزي بالتعويم الأول في مارس (آذار) ليفقد 15% من قيمته كما خضع لتعويم ثان في أكتوبر (تشرين الأول) من نفس العام ليفقد الجنيه 57% من قيمته ويسجل /24.7/ جنيه.

وخضع الجنيه بعد ذلك للتعويم مجدداً في يناير (كانون الثاني) 2023 في إطار تفاوض الحكومة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد بقيمة /3/ مليارات دولار خلال السنوات الأربع القادمة وبموجب الاتفاق التزمت الحكومة المصرية بتعويم جديد للجنيه -التعويم الرابع- ليصل لأدنى مستوى ويسجل /32/ جنيه للدولار قبل أن يتحسن قليلاً إلى /29.6/ جنيه للدولار.

فخ الأموال الساخنة.. هل لها دور في استقرار الجنيه؟

ويستعد مستثمرو الأسواق الناشئة للعودة إلى سوق الديون المحلية في مصر حيث يغريهم الجنيه الأرخص والعوائد القياسية مقارنة بأقرانهم بحسب وكالة بلومبرغ.

والأموال الساخنة هي أموال مستثمرين ومؤسسات أجنبية يبحثون عن عوائد مالية مرتفعة جداً عبر استثمارات قصيرة الأجل في السندات بكل أنواعها والودائع المصرفية وغيرها.

وكان وزير المالية المصري محمد معيط قد صرح في أواخر يونيو (حزيران) الماضي بأن الدرس الذي تعلمناه هو أنك لا يمكنك الاعتماد على هذا النوع من الاستثمار إنه يأتي فقط للحصول على عوائد مرتفعة وما إن تحدث صدمة حتى يغادر البلاد.

ويشار إلى أن مصر اعتمدت على هذه الأموال بشكل كبير بعد وصولها لاتفاق مع صندوق النقد في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016 وتأرجحت قيمتها ما بين /14/ مليار دولار و/30/ ملياراً إلا أنه بعد الحرب في أوكرانيا خرجت هذه الأموال من مصر بشكل كبير حيث قدرت قيمتها بنحو /22/ مليار دولار وهو ما أحدث فجوة كبيرة في ميزان المدفوعات المصري للعام المالي 2021-2022 وكان لهذه الأموال دور كبير في استقرار سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية لفترة طويلة إلا أن ذلك لم يكن بلا ثمن فقد تم دفع أعباء الفوائد على هذه الأموال بأعلى سعر فائدة في العالم آنذاك وهو ما ساهم في تضخيم فاتورة أرباح الاستثمارات الأجنبية بمصر.

وأفادت تقارير بعودة صناديق الاستثمار الأجنبية للعمل في أذونات الخزانة وأن بعضها ضخ بالفعل ملايين الدولارات عبر البنوك المصرية لشراء هذه الأذونات التي تجاوز سعر الفائدة عليها سقف 21% وهو ما حقق استقراراً في سعر الصرف خلال الأيام الماضية.

وتضع الأموال الساخنة الاقتصاد بشكل عام تحت ضغط حركة هذه الأموال التي تبحث عن أي زيادة في سعر الفائدة في العالم وتتجه إليه وقد حدث ذلك عندما ارتفعت أسعار الفائدة في تركيا ونيجيريا والأرجنتين وأمريكا حيث خرجت تلك الأموال من مصر آنذاك واتجهت لهذه الدول إضافة إلى أن الاستمرار في استخدام هذه الأموال في المحافظة على استقرار سعر الصرف أو تأمين احتياطي النقد الأجنبي يجعل تلك المؤشرات غير معبرة عن حقيقة أداء الاقتصاد المصري لأن الأصل أن يكون استقرار سعر الصرف أو تأمين احتياطي النقد الأجنبي من موارد ذاتية وليس من ديون الأموال الساخنة غير أن الأموال الساخنة تزيد من أعباء المديونية العامة لمصر لفترات طويلة وتربك وضع الموازنة العامة للدولة، حيث إن فاتورة فوائد الديون تشكل مكونات الإنفاق العام.

المصدر: إنفستينج دوت كوم

صفحتنا على فيس بوك  قناة التيليغرام  تويتر twitter

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى