دراسات وأبحاث

التنمية المستدامة وأهمية تطبيقها للحفاظ على كوكبنا الأرض

م. رفاه روميه ..

|| Midline-news || – الوسط  ..

اعتمد الإنسان منذ أقدم العصور على الطبيعة بشكل كامل لتلبية حاجاته و مستلزماته الأساسية و التي كانت محدودة و بسيطة ، لكن مع الازدياد السريع للنمو السكاني و الذي رافقه تطور هائل في إنشاء المشاريع المتنوعة و التي بدورها أرهقت البيئة سواء من خلال استهلاك الموارد الطبيعية القابلة للنضوب(فحم-غاز…) أو من خلال ما تحدثه من تلوث (ظاهرة الاحتباس الحراري ) جعل التفكير بإنقاذ الأرض من التدهور الكبير أمر حتميا و ضروريا لاستدامة الوجود البشري على هذا الكوكب .

ما هي الاستدامة؟

تعرف الاستدامة بأنها الاستفادة من الموارد الطبيعية لتلبية احتياجات الجيل الحاضر دون الأضرار بقدرة الجيل القادم على تلبية احتياجاته ، و ذلك من خلال الحفاظ على التوازن بين الإنسان و الطبيعة بحيث لا يتم استهلاك الموارد بطريقة أسرع من تجددها و الاعتماد قدر الإمكان على الطاقات المتجددة كحل صديق للبيئة بدلا عن الطاقات التقليدية لما لها من آثار سلبية على الكون بكامله .
و تبنى الاستدامة على ثلاث جوانب أساسية (اقتصادية-اجتماعية- بيئية) و لا تكون إلا بمراعاتها و تحقيق العلاقة بينها كما موضح في المخطط .

م1
التنمية المستدامة : هي عملية تطوير المجتمع بكل جوانبه بالاعتماد على مفهوم الاستدامة من خلال استغلال الموارد وتوجيه الاستثمارات و التطور التكنولوجي وإجراء التغييرات الضرورية التي تتماشي مع الوقت الحالي و المستقبلي .
و ترمي التنمية المستدامة إلى تحقيق عدة أهداف كما هو مبين في الصورة أدناه و ذلك كما أقرها المجتمع الدولي في أيلول من عام 2015 ليبدأ تنفيذها في كانون الثاني 2016 .

م2

كيف يمكن إحراز تقدم واضح في تحقيق التنمية المستدامة؟
يمكن تحقيق ذلك بالاعتماد على جوانب الاستدامة التي ذكرناها سابقا و الذي من شأنها أن توفر الجو المناسب لتحقيق الاستدامة .
• الجانب الاقتصادي :لابد في البداية من معرفة الفرق بين النمو الاقتصادي و الاستدامة الاقتصادية فالأولى تعني زيادة الإنتاج القومي بشكل طبيعي و سريع ، بينما الاستدامة الاقتصادية تركز على نوعية هذا النمو و كيفية توزيع إيراداته بشكل عادل ، فهي ليست مجرد تطور اقتصادي يستفاد منه شريحة من الناس أو دول على حساب دول أخرى بل فائدة عامة تسعى لمحاربة الفقر .يجب التركيز في الجانب الاقتصادي على جعل الصادرات أكبر من الواردات وبالاعتماد على الموارد المتاحة و استثمارها بشكل لا يؤذي البيئة ، فكما هو معروف استهلاك الموارد في الدول الصناعية الغنية أكبر بكثير من الدول النامية و كل استهلاك يقابله هدر في الطاقة وبالتالي تلوث إضافي للبيئة و من هنا على الدول الغنية قيادة عملية الاستدامة لما لديها من إمكانيات مالية و تكنولوجية تمكنها من حماية الموارد الطبيعية و لدورها الأكبر في هذا التلوث . لا بد أيضا من التركيز على الاكتفاء الذاتي لكل بلد و التخفيف من التبعية للدول الصناعية من خلال إتباع سياسات تنموية تخلق أيضا فرص عمل جديدة .
• الجانب الاجتماعي : الفرد هو العنصر الأساسي في أي مجتمع و النواة الأساسية لأي تغيير نريد إحداثه ، من هذا المنطلق فان المجتمعات التي تطبق الاستدامة تسعى لتأهيل الفرد ليصبح منتجا بحيث يدعم الاقتصاد العام و يدعم نفسه أيضا ، و يتم التأهيل من خلال الاهتمام بالإنتاج المحلي و المشروعات الصغيرة و السعي لإنجاحها من خلال تأهيل الفنيين و العمال و السعي لتقديم التسهيلات و إعطاء اهتمام أكبر للجانب المهني و التدريبي .و من جانب آخر لا بد من توفير الرعاية الصحية من خلال بناء المراكز العلاجية ، ولا ننسى المرأة التي تشكل نصف المجتمع ولما لدورها من أثر في تثقيف أطفالها و الاهتمام الصحي الجيد بهم .كما أن مشاركة الأفراد في صناعة القرار في عملية التنمية في مجتمعاتهم دور كبير في تعزيز الثقة بينهم وبين حكوماتهم و إيجاد حلول واقعية لمشاكلهم .
• الجانب البيئي : يعتبر الحفاظ على البيئة من أكبر المشاكل التي تواجه العالم في ظل التطور السريع في الصناعات ع اختلاف أنواعها لما قد سببته من تلوث هائل و دمار للغطاء النباتي و حتى الحيواني ، لذلك تسعى المجتمعات المستدامة إلى الحد من استخدام المحروقات و التوجه إلي الطاقات المتجددة ذات التكنولوجيا النظيفة لأنها المسبب الرئيسي لتلوث الهواء و الاحتباس الحراري و إلى ما يحدث من تقلبات في المناخ ،كما أن حماية الموارد المائية و استغلالها بشكل أفضل و بكفاءة أحسن من أولويات الاستدامة .
هل ترغب في المشاركة بعملية التنمية المستدامة في منزلك؟
تقع مسؤولية نجاح عملية الاستدامة على كل المجتمع من أفراد و مؤسسات و حكومات لذلك يمكن القيام بعدة إجراءات بسيطة تساهم و لو بجزء بسيط في الحفاظ على البيئة :
إعادة الاستعمال :

يمكنك الاستفادة من أيا غرض قديم تريد التخلص منه بإعادة استخدامه مرة أخرى ولكن لغرض أخر جديد فعملية الإتلاف تحتاج إلى طاقة أكثر من عملية إعادة الاستخدام فمثلا يمكن إعادة استخدام أثاث قديم لأغراض أخرى أو يمكن الاستفادة من العلب البلاستكية الفارغة في عملية الزراعة كما موضح في الصورة .

م3
إعادة التدوير: تسمح عملية إعادة التدوير في التقليل من الطاقة المصروفة على تصنيع المواد من جديد و بالتالي التقليل من حجم الانبعاث الغازي و المحافظة على البيئة ، يمكن مثلا إعادة تدوير فضلات المطبخ من بقايا قشور فواكه و خضروات و تحويلها إلى سماد يستخدم للنباتات الموجودة في حديقة منزلك .
التقليل من حجم المشتريات : يجب عليك أن تركز على اقتناء الأشياء الضرورية فقط في منزلك فوجود مثلا أكثر من تلفاز يعتبر هدر في الطاقة كما يجب التركيز على ترشيد الاستهلاك قدر الإمكان والاعتماد على الأجهزة الموفرة و عدم تركها تعمل في حال عدم الاستعمال ، كل ذلك من شأنه رفع في مستوى الحفاظ على جمالية البيئة و استدامتها .

تحتاج عملية تطبيق الاستدامة إلى تضافر جهود إقليمة و دولية باعتبار تدهور المناخ مشكلة عالمية و ليست محلية و ذلك من خلال العمل على جميع الجوانب السابقة لأنها متكاملة و مترابطة وعلى نفس السوية من الأهمية وإن تحقيق ذلك ليس بالأمر السهل و السريع لأن ذلك يتطلب تغيير الكثير من السياسات المتبعة الاقتصادية و الصناعية و خاصة من قبل الدول الصناعية الكبرى التي تهيمن على قطاع الطاقة في العالم و الذي يعتبر استخدامه الخاطئ السبب الرئيسي لتدهور الوضع البيئي العام .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى