الأميريكيون في تل أبيض .. رسائل متعددة
حيدر مصطفى – بيروت
الأميريكيون مجدداً على مشارف الرقة ، المختلف هذه المرة أن مقاتلي وحدات المارينز الذين وصلوا إلى مدينة تل أبيض ، لم يتستروا بأعلام وشعارات قوات سوريا الديمقراطية ، في مشهد ينتهكُ كل القوانين الدولية تجاوزت التحركات الأمريكية في الشمال السوري عنوانا جاهرت فيه واشنطن كثيرا ” نحن موجودن لدعم الفصائل المحلية والقوات الكردية في الحرب ضد داعش ” .
التدخل الأمريكي خرج من طور المشاركة إلى إعلان احتلال واضح برفع العلم الأمريكي فوق أراضٍ تعود ملكيتها إلى الشعب السوري والدولة السورية ، تحركٌ يمسي طبيعياً في ظل الفوضى الحاصلة في شمال سوريا وكثرة اللاعبين والمتدخلين ، والسعي لاغتنام ” الفرصة السانحة ” من قبل القوى والأطراف التي تستهدف سوريا ، لكن وبطبيعة الحال ، فإن تحرك القوات الأمريكية من عين العرب باتجاه تل أبيض شمالي محافظة الرقة والتي تبعد عن الرقة المدينة نحو 100 كم ، وإنزال الأعلام الكردية من سماء المنطقة واستبدالها بالأعلام الأمريكية ، يطرح الكثير من التساؤلات ، أولها الهدف الحقيقي من خطوة إشهار بسط النفوذ على مناطق في تل أبيض ومحيطها ، وهي المدينة التي استماتت الجماعات الكردية حتى سيطرت عليها منتصف العام 2015 . هدفٌ أخر من هذا الحضور الأميركي وهو إرسال رسالة للأتراك مفادها (كفاكم لعباً في الشمال .. نحن هنا ونوطد عملنا مع الشركاء الأكراد) ، إذ أفادت المعلومات المسربة عن التحركات الحاصلة في تل أبيض ، بوصول قادة من حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي مع القوات الأمريكية ، بهدف إجراء اجتماعات ، الأمر الذي يدلل على ثبات التنسيق الكردي الأمريكي من جهة وعلى ثبات الموقف الأمريكي الداعم لوجود الأكراد غربي الفرات من جهة أخرى ، وهي رسالة طرقت باب القيادة التركية منذ أن جاء نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أنقرة وراوغ فيها حول حقيقة النوايا الأمريكية المبيتة ضد التحركات التركية شمال سوريا ، الرايات الأميريكية رد صريح بأن واشنطن ترفض أي عملية عسكرية مشتركة مع الأتراك تسير فيها باتجاه الرقة ، فيما يبدو قراراً بلجم التحركات التركية ، حيث لا تقدم مؤثر يحصل في محيط جرابلس ، ولم تتمكن عملية ” درع الفرات ” من إجبار الفصائل الكردية على العودة إلى شرق الفرات ، وطوال أسابيع خلت تظاهرت أنقرة أنها تحقق انتصارات وإنجازات ، لكن لم يظهر أما يدل على تقهقر القوات الكردية التي لا زالت تسيطر على منبج ، رغم الأوضاع الأمنية الصعبة التي تعيشها مناطق الأكراد في الشمال السوري بعد أن أصبحوا في مرمى النيران التركية .
وعلى وقع كل ما سبق ، يبدو تنظيم داعش كامناً في قواعده بعد جملة من الخسائر التي مني بها ،سواء في سوريا أو في العراق ، ورغم كثرة التحليلات التي تقول إن التنظيم بات منهكاً وغير قادرٍ على الاستمرار في المواجهة ، إلا أن إطلاق أي عملية لإخراجه من الرقة ، أمر دونه الكثير من العقبات بلا شك ، فالتحرك الأمريكي في الشمال السوري يبدو أنه لا يهدف إلى إطلاق عملية تجاه الرقة خلال أمدٍ قريب وإنما الهدف منه تثبيت مواطئ قدم له على الأراضي السورية ، والعمل على كبح جماح التحركات التركية ، وتشكيل عامل ضغط على الروس من جانب آخر ، خصوصاً أن معلومات تتحدث عن بدء القوات الأمريكية لاستخدام قاعدة “روباريا ” التي أنشأتها حديثاً قرب مدينة عين العرب شمال شرق حلب ، والأمر الأهم الارتباط الوثيق بين معركتي الرقة في سوريا ومعركة الموصل في العراق ، بحسب تأكيد الخبراء ومراكز الدرسات ، والتي يزعم الجانب العراقي أنها باتت قاب قوسين أو أدنى ، ويوحي الأمريكيون بذلك أيضاً ، إلا أنها مؤجلة بلا شك لحين اتضاح نتائج زيارة نائب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى بغداد بهدف مناقشة معركة الموصل .
إعلامي سوري
||Midline-news||- الوسط ..