العناوين الرئيسيةرأي

الإمارات في يوبيلها الذهبي.. تطلق “مبادئ الخمسين” تخليداً لنهج مؤسسها زايد (بقلم: روعة يونس)

.

لا يُشكّل يوم 2 ديسمبر اليوم الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة فحسب. بل يُمثل في عنق التاريخ قلادة ناصعة، حيث النجاح المطلق في تشكيل وإعلان وحدة بين مجموعة إمارات، اتحدت وباتت دولة يشار إليها بالبنان. نهضت على كل الصعد خلال عدة عقود من الزمن. بفضل رجل مفعم بالرؤى والقيادة هو الشيخ زابد بن سلطان آل نهيان- رحمه الله.

.
قبل خمسة عقود؛ اتّخذ الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حاكم إمارة أبوظبي، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي، الخطوةَ الأولى نحو إنشاء دولة الاتحاد. كان يقصد بهذا الاتحاد أن يكون نواةً للوحدة العربية.  وكانت نتيجة المبادرة المتّخذة من حاكمَي الإمارتين الرائدتين، عقد اجتماعات تاريخية قبل إطلاق دولة الاتحاد في 2 ديسمبر 1971. وقيام دولة الإمارات العربية المتحدة التي تحتفي اليوم بعيدها الوطني الخمسين (اليوبيل الذهبي).

لابدّ في هذا الإطار من التركيز في دَور الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- مؤسس الدولة وباني نهضتها – وبصورة خاصة مع تطوّر وازدياد منزلته على الصعيد الدولي، والتي واكبت وضع الدولة في الساحة العالمية؛ فقد برز وسيطاً مُصلحاً في الأحداث في دول مجلس التعاون الخليجي، وأقطار العالم العربي والدول النامية. واستفادت دول فقيرة ومجتمعات عدّة على المستوى العالمي من المساعدات المادية والمالية التي كانت تُمنح لهم منه رحمه الله باسم دولة الإمارات العربية المتحدة، وهذا الأمر إنْ دلّ على شيء فإنّما يدلّ على مدى إنسانيته التي تستمدّ أبعادها من إيمانه الثابت بالإسلام.
.

.
لقد حظيت الإمارات في عهد القائد زايد باهتمام عالمي؛ لتقديمها – على مستوى الفرد- الفرص الاقتصادية واسعة النطاق، إضافة إلى التسهيلات الرياضية والترفيهية، والنشاطات الثقافية وتنمية الوعي لحماية البيئة والحياة البرية وتشجيع السياحة. ومن ناحية أخرى فإنّ التقدّم المميّز الذي أحرزته المرأة الإماراتية في كافة مجالات الحياة تشكّل مقياساً هامًّا آخر لقياس مدى تقدّم الدولة كلّها. إنّ فرص المساواة التي منحها دستور الدولة للمرأة قد ساعد النساء فيها للعمل على إثبات وجودهنّ في المجتمع بدرجة واضحة. وللاتحاد النسائي في دولة الإمارات العربية المتحدة – الذي تأسّس في أبوظبي عام 1975م بجهود سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك قرينة رئيس الدولة – إضافة إلى فروعه الأخرى في الإمارات الفضل الأكبر في القيام بدور رئيس في تحرير المرأة.
ومهما يكن من أمر فلا بدّ من الإشارة إلى أنّ المعماريين الذين يعملون في تطوير المظاهر العمرانية في دولة الإمارات يأخذون بعين الاعتبار المحافظة على المظاهر التقليدية واستمرارها، وعلى التراث الموروث منذ أزمان بعيدة ويقرّون بأهميته.
يكمن نجاح النظام السياسي في دولة الإمارات العربية المتحدة في أنّها تمثّل مزيجاً فريداً من القديم والحديث، مع التزام فطري بالإجماع والمناقشة والديمقراطية المباشرة. كانت تضحيات ومنجزات الآباء قد ساهمت في بروز الدولة الحديثة بدلاً من الإمارات المستقلّة القديمة. إنّ دولة الإمارات العربية المتحدة هي الدولة الاتحادية الوحيدة في العالم العربي التي لم تبقَ وتستمرّ فحسب، بل إنّها قد نجحت أيضاً في تكوين واستخراج هوية قومية مميّزة مع مرور الزمن.
.

.

اليوم، تمضي الإمارات الشقيقة قدماً لتخليد نهج الشيخ زايد، والسير على دربه، عبر “مبادئ الخمسين” الذي اعتمدها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة يوم 9تشرين الأول الماضي، ويعمل على تمكينها وتثبيتها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس مجلس الوزراء، تعد بمثابة رؤية شاملة ومتكاملة ترسم المسار الاقتصادي والسياسي والتنموي والإنساني للإمارات وتحدّد توجهاتها للخمسين عاماً المقبلة. وتخلد الإمارات عبر تلك المبادئ القيم والرؤية والرسالة الإنسانية التي رسخها الشيخ زايد والمؤسسون، واضعة على قمة أهدافها تعزيز أركان الاتحاد، والمحافظة على الريادة الإنسانية.
.

.
من وصايا زايد لحكام الإمارات وشعبها

“كان يحزنني أننا في شتات وإمارات متصالحة لكن متباعدة. لهذا فكرنا بالاتحاد، ولأجل لم الشتات قام ليجسد عملياً رغبات وأماني وتطلعات شعب الإمارات في بناء دولة موحدة ومجتمع متوحد متعاضد وحر كريم، يتمتع بقوة الاتحاد والمنعة والعزة وبناء مستقبل مشرق ترفرف فوقه راية العدالة والحق.
هذه الصحارى الممتدة وجغرافية وتاريخ المنطقة لم تعد مشتتة ومتفرقة، باتت عائلة يضمها صدر الأم، والأم هنا هي الاتحاد، جمعت الشمل واحتضنت الأبناء.  فهل من أحدّ يعق بأمه ولا يبرّها؟ لهذا أوصيكم كوالد أن تحافظوا على أمنا الاتحاد. ولن أملّ أو أكلّ من تكرار نصيحتي ووصيتي لكم بأن يكون الحفاظ على الاتحاد أولى أولوياتكم مطلقاً. وكلما نظرتم إلى الصحارى أمامكم، تذكّروا وصيتي”.
.

*مدير تحرير الثقافة والفنون

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى