العناوين الرئيسيةالوسط الفني

إسماعيل نصرة.. يرصد في معرضه واقعنا عبر نصوص لونية لا تخدش الروح ولا تؤذي العين

لأجل آلام الإنسان وآماله غيّر نصرة بعض عناصر وتقنيات أعماله الفنية

كيف يمكنك الكتابة عن معرض فنان تشكيلي، لم تسعفك الظروف الجغرافية والصحية بحضور فعالياته! ولست راغباً في تكليف محرر في قسمٍ تديره، أن يأخذ دورك ويمضي لتغطية معرض كنت تنتظره منذ زمن؟!
شكراً إبراهام بل، شكراً “صالة عشتار”.. عبرهما تمكنت من الوصول إلى صور اللوحات. فضلاً عن كوني أتابع تجربة هذا المبدع، وروعة اسمه تكفي: إسماعيل نصرة. الذي تستضيف “صالة عشتار” معرضه المقام حالياً في أرجائها، حيث تحتضن جدرانها عشرات من لوحاته التي يترقبها كثر للوقوف على جديده.
.

.
ترصد صور المعرض المنتشرة في وكالات الأنباء وصفحة صالة العرض، إعجاب الحضور الكبير، الذي كان بينه عضو مجلس الشعب الأستاذ الفنان جميل مراد، ومدير الفنون في وزارة الثقافة الأستاذ الفنان عماد كسحوت، ومدير عام (صالتي عشتار وفاتح المدرس) الأستاذ الفنان عصام درويش، وكبار الفنانين في التشكيل والنحت من أصدقاء وزملاء الفنان، وأدباء وكتّاب ووسائل إعلامية، وجمهور متابع للفنان إسماعيل نصرة منذ نحو عقدين من الزمن.
.

.
قبل التوقف مع المعرض، لا بد من الإشارة -للقارئ الذي لا يعرف- إلى أن فناننا سبق أن قدّم عدة معارض فردية، وشارك في العديد من المعارض الجماعية، ونال عدة جوائز محلية وخارجية، فضلاً عن كون أعماله مقتناة داخل وخارج سوريا. وترتبط أعماله الفنية بواقعنا بشكل لصيق لكن عبر أجواء جمالية لا تخدش الروح ولا تؤذي العين، بل ان أدواته -كما يرى زملاء له- تستخدم لغة لونية لطيفة لا تنفر منها النفس. كما سنرى في مادة تغطية المعرض الذي كنت أحس مسبقاً ما يمكن أن يعرضه فناننا نصرة (!)
.

.
نعم، يمكن معرفة ما تمّ عرضه من لوحات قبل مشاهدة أي صور للوحات معرضه! ففناننا لا يلتزم بالمدارس الكلاسيكية والتقليدية والسريالية والواقعية والتجريدية ووو. بل يلتزم بقضية واحدة فقط هي “الإنسان” وكل ما يتصل بتطلعاته وطموحاته وعشقه للحرية والحياة والأمان.
إذاً.. لا بدّ أن يكون معرضه عن الإنسان، ومن يظن أن إسماعيل نصرة فنان المرأة أو أنها بطلة لوحاته وما شاكل تلك التصنيفات، فأنا أرى أن المرأة في لوحاته -خاصة في معرضه الآن- سواء كانت وحدها في الكتلة الضوئية أو مع فرد أو جماعة؛ تحضر كإنسان وقضية وفكرة لا أنثى فقط (اللوحة أدناه مثالاً).
.

.
أعمال نصرة المعروضة في المعرض، تثبت أننا وفي عصر الفن الحديث لا نجد سوى قلة مختصة بمدرسة فنية محددة! فالآن يعوّل الكبار وفي مقدمتهم نصرة على إحساسه وعلى بصمته التي يضعها من خلال نصوصه اللونية. وحين ذكرت أعلاه أن محور فنه الإنسان (كذلك معرضه اليوم) فهو يتناول قضيته وفق منحى أو مذهب تعبيري، ملتزماً بمسارين -كما تقول لوحاته- الأول: رصده لهموم وآلام الإنسان المعاصر من حزن وألم وفقر وفقد وقهر وتشرد وضياع. متبعاً رصده اللوني بمسار آخر غالباً نجده في اللوحات وهو الأمل، أو الحلم، ففي معظم أعماله المعروضة نجد الحلم ركيزة أساسية ينهض عليها النص اللوني مرافقاً الواقع البائس غير اليائس. وكيف يكون يائساً في حضرة الحلم والتوق للحرية- الأمل؟ سواء كان هذا الحلم ماض أفضل أو مستقبل أجمل (اللوحة أدناه مثالاً).
.

.
مع تنوع أحجام أعماله الفنية بين لوحات بمقاس كبير وطولية ووسط ثم مقاس صغير، تنوعت أيضاً التقنيات واستخدام مواد مُدخلة على العمل من قبيل إعادة التدوير الذي يفيد في عملية الكولاج أحياناً، مثل: خشب ومعدن وورق صحف وقماش وحبال وخيطان… إنما يجدر التوقف هنا أمام نقطة تأتي في صالح فناننا، فقد أظهرت الصور التي رأيتها للوحاته نتيجة خبرته ومرانه وعمق تجربته الفنية، كما لو أن الحالة التعبيرية والأفكار أملت عليه إلى جانب الخطوط والألوان- كيفية استخدام تلك المواد، وابتكار مشهد بصري جديد داخل فضاء اللوحة، بحيث نجد لوحات شقّ بطلها الخام وانطلق، أو نجد لوحات منبثقة داخل العمل الواحد، بطريقة غاية في الجمال والإبداع وأيضاً الذكاء (اللوحة أدناه مثالاً).
.

.
صحيح أنه بمرور السنين والأحداث والوقائع المؤلمة في بلدنا، تغيرت عناصر نصوص نصرة اللونية، خاصة أمام بعض الأفكار والقضايا والحالات (الكورونا- الموت- الفراق- التسول) لكن ليس كثيراً، بحيث دائماً سيجد المتلقي أمامه لوحات جميلة، شخوصها رغم الحزن والألم، يتصفون بالجمال وبشرى الأمل والحلم.
نعم، مع التشكيلي المبدع إسماعيل نصرة دائماً نحن أمام: الزهرة والعصفور والمظلة والغيمة والقلب والإنسان.
.

.

*روعة يونس- مديرة تحرير الثقافة والفنون 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى