“أمير الربابة” .. مراد داغوم

|| Midline-news || – الوسط …
.
“عبدو موسى”، واحد من أروع الملحنين الذين جادوا بأغنيات شعبية ذات جملة لحنية رشيقة ومحببة، دخلت بيوت وأفئدة المستمعين العرب منذ ستينات القرن الماضي وحتى اليوم، وكانت نبعاً حقيقياً نهل منه كثيرون من الفنانين العرب على مدى عقود. يضاف إلى ذلك أنه طَوَّع آلة “الربابة” وعزف عليها جملاً موسيقية لم نسمعها عليها من قبل ولم يصل إليها أحد بعده لدقة تنفيذها وجمالها حتى لتكاد تظن أنها كمان حقيقية وليست ربابة.
وفي سنة 1958، وبالصدفة، سمعه رئيس الوزراء الراحل هزاع المجالي وهو يعزف على الربابة فأعجب بعزفه كثيراً، فأوصى بالتحاقه بالإذاعة الأردنية مباشرة، وشارك آنذاك في جلسات البرنامج الشهير (مضافة أبو محمود). وقد نال أيضاَ اهتماً ورعاية خاصة من الرئيس وصفي التل أيضاً. وقد تميز الفنان “عبدو موسى” بصوت جميل عذب واسع المجال بحيث كان يصل الطبقات العليا بغنائه وبذلك كان يستطيع مرافقة أي مطربة في الغناء بدون أن يُضطر إلى الغناء من طبقة منخفضة.
تعاون مع الفنان السوري الكبير “دريد لحام” في الجزء الثاني من مسلسل “صح النوم” الذي تم تصويره في الأردن، فأعطاه لحناً رائعاً قدمه دريد لحام في المسلسل بصوته وهي أغنية (يا عنيِّد) المعروفة، ثم غناها عبدو بصوته في المسلسل ذاته بعنوان (نزلن على الحمام).
إن التمازج والتداخل الفريد في الفن الشعبي ما بين الأردن والسهل الحوراني السوري هو نتيجة طبيعية للجغرافية الواحدة والأصول الواحدة لشعوب المنطقة على امتداد قرون طوال. يتجلى ذلك في نزاعات على صفحات التواصل الاجتماعي مثل اليوتيوب عندما تتحول التعليقات على أغنيات عبدو موسى إلى مهاترات بين الحوراني الذي يعتز بفن حوران الشعبي وبين الأردني الذي يستنكر تنسيب أغنيات أصيلة لباديته على أنها ليست أردنية.
بعد عام 1967 امتد نشاط عبدو موسى إلى العواصم العربية والعالمية مثل تونس والبحرين وسورية ولبنان ولندن وبرلين وتركيا ورومانيا وايطاليا وغيرها الكثير، ترافقه فرقة الفنون الشعبية الأردنية. كان تتويج عطائه حفله المميز مع عبد الحليم حافظ في أضخم صالات لندن على مسرح “ألبرت هول” مستقطب مشاهير الفن في العالم. وقد نال في سنة 1971 جائزة أفضل مطرب وعازف ربابة في مهرجان تونس،كما حصل في الأردن على جائزة الدولة التقديرية عام 1996 أي بعد وفاته بتسعة عشر سنة حيث توفي شاباً سنة 1977 مخلفاً ستة أولاد وثلاث بنات درسوا الطب والمحاماة والفن.
*(مراد داغوم.. مؤلف وموزع وناقد موسيقي – سوريا)
