أدونيس .. في جديده “كتاب الغرب” – بقلم: د.فاطمة اسبر

|| Midline-news || – الوسط …
.
“لا تعدْ إلى الوراء حتى مع الشمس”
*أدونيس
صدر مؤخراً عن “دار التكوين للطباعة والنشر والترجمة” أحدث إصدار للمفكر والشاعر السوري علي أحمد سعيد اسبر “أدونيس”، وحمل عنوان “كتاب الغرب”. ويقع في أكثر من ثمانمئة وخمسين صفحة تضم ماكتبه عن الغرب وانعكاساته على العرب..
لن أكتب عن الكتاب أو أعرف به وصفياً، لكنني سأقتطف بعض المقاطع من مقالات مختلفة تصف الواقع العربي الإسلامي منذ غزو العراق في العام 2003 وما تلاها.
فمن مقالة “ماذا بعد الاحتلال- السقوط”:
“يجب أن نخجل من رؤية الأمريكيين والبريطانيين يطوفون بابتهاج في شوارع بغداد والبصرة بوصفهم محررين! يجب أن نخجل من رؤية العراقيين يتهافتون على الماء والخبز كأنهم لم يروهما في بلادهم، بلاد الماء والخبز، يجب أن نخجل من السلب والنهب اللذين مارسهما بعض العراقيين بدافع الحاجة، أو بدافع الطمع، أو بدافع الحِرفة، يجب ان نخجل، يجب أن نخجل جميعاً من المحيط إلى الخليج، مما حدث ويحدث في العراق، يجب أن نعتذر للغة العربية العظيمة عن هذا الاسم الذي أُطلِقٓ علينا (العرب).
كلا، لا أطلب ُ من أي عربي أن يتأمل أو يحلِّل، ولا أريدُ منه أي جواب. أرجو منه، حصراً، أن يتكرّم بالنظر، مجرد النظر إلى الجغرافيا العربية وإلى خرائطها، مجرد النظر إلى “الشهب” التي تنهمر عليها من جميع الجهات، من داخل وخارج، من أسفل وأعلى، مجرد النظر إلى “جسمها” كيف يُركلُ ويُهانُ ويُقطّع، كلا لا أطلبُ إلا أن يطرح كلُّ منهم على نفسه هذا السؤال: من أنا- من نحن”؟
وجاء في مقالة “لا تنمْ”:
”في بدايات القرن العشرين المنصرم عملٓ الاستعمار الغربي، مُمثّلاً على الأخص، في بريطانيا وفرنسا على إيقاظ فكرة “العروبة” القومية الوحدوية، في عقول العرب ونفوسهم، لمحاربة الخلافة العثمانية، والتحرر منها، لكي يحل هذا الاستعمار محلها، ولكي يتم القضاء على هذه الخلافة. ”اليوم، في بدايات القرن الحادي والعشرين يحدث العكس: يدعم هذا الاستعمار، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، أو في ظلها على الأقل، اليقظة الإسلامية، للخلاص من العروبة القومية الوحدوية، مكرُ التاريخ، أم انهيار العرب؟
هناك أسباب أخرى لكي يدعم الاستعمار هذه ” اليقظة الإسلامية”:
١- محاربة العلمانية وحركات التقدم المدني.
٢- خلق مناخ ديني إسلامي يلائم يهودية إسرائيل.
٣- خلق صراع داخلي في المجتمعات العربية- الإسلامية بين الأصوليات “الأصيلة”، والحركات التقدمية “الدخيلة”.
٤- الإبقاء على غير المسلمين، بوصفهم لا يدخلون في البنية العميقة للمجتمع، يظلون هامشيين “ضيوفاً”.
ويضيف أدونيس:
“قرأت، اليوم، بضغطٍ من وسائل الإعلام الأوربي التي امتلأت بالكلام على الإسلام والبرقع، مادة برقع في معجم لسان العرب جاء فيها: “البُرقع والبٓرقع والبُرقوع بضم الباء معروف، وهو للدواب ونساء الأعراب، وفيه خرقان للعينين، قال توبة بن الحُميّر : وكنتُ إذا ما جئتُ ليلى تبرقعت فقد رابني منها الغداة سفورُها. كلمة تتألف من أربعة أحرف تشغل الآن أوروبا بأبجديتها القانونية والاجتماعية والثقافية كلها، من الألف إلى الياء. بدلاًمن أن تكون القضايا الكبرى، الإنسانية والحضارية، مادة للحوار أو الخصام أو الصداقة بين الإسلام والغرب، تحلّ محلها “مادة البرقع”!.. “الثورة في حرب مع العورة”.
آهِ، أيها الدين كم من الأخطاء تُرتكبُ باسمك.
إن العرب والمسلمين يعيشون كلياً على الأخذ من اختراعات “الكفار” في جميع المجالات العلمية والتقنية والحياتية. السؤال الذي يوجه هنا إلى هؤلاء العلماء هو التالي: إ
ذا كانت مسألة التقدم والتخلف تابعة للدين فلماذا يتقدم “الكفار” ويتخلف “المسلمون”، ولماذا يتفوّق، علماً وفناً وتقنيةً، أولئك الذين لا يعتنقون الإسلام على البشر الذين يعتنقونه؟
نعم، ينبغي على هؤلاء العلماء أن يتخطوا هذه التبسيطية، إلى ما هو كثر دقةً وتعقيداً وإلا فإنهم يخاطرون في وضع الدين حيث لا يجوز أن يوضع”.
يقول أدونيس في كتابه:
“فرضت الولايات المتحدة على العرب والمسلمين قبول السلام مع اسرائيل، لا القبول وحده، بل العمل من أجله كذلك والوقوف ضد كل ما يعرقله، أو يحول دون تحقيقه. وهي في الوقت نفسه، تدعم السياسة الإسرائيلية في إصرارها المتواصل على ممارسة الحرب ضد الفلسطينيين، وعلى عدم الاعتراف بحقهم في إقامة دولتهم المستقله، هكذا تنجح الولايات المتحدة في جعل الأنظمة العربية والإسلاميه تقف، نظرياًً، وعملياً، إلى جانب سياساتها وسياسات إسرائيل معاً. والسؤال المقلق وإن كانت له أجوبة كثيرة هو: ما الذي يجعل هذه الأنظمة تخضع بهذه الطريقة التي تقارب الاستسلام الأعمى، لهذه الإرادة العالية الظالمة القاتلة المهينه العابثه بأبسط الحقوق الإنسانية”.
هكذا، نرى في كتاب الشاعر المفكر أدونيس؛ ما نظن أنه لايتسع له من الاتساع في الرؤية والعمق في التحليل والجرأة في النقد للغرب ولثوراته وديمقراطيته وحرياته الكاذبة، وللعرب في استسلامهم وتمزيق بعضهم، ونرى الكثير مما يجب أن يراه كل عربي ومسلم على هذه الجغرافيا الممتدة من المحيط إلى الخليج.
.